كلفة التدفئة لشتاء 2023 تجمّد اللبنانيين: 1700 دولار للمازوت و600 للحطب والقراعة.. المعاناة تبدأ من الآن!
كتبت ماريانا سري الدين لـ “هنا لبنان”:
يترقّب اللبنانيون بحذر انقضاء فصل الصيف واقتراب نقيضه البارد الذي كان ثقيلاً جداً العام الفائت، علّ جفاف أوروبا ينعكس على شتاء لبنان حرارةً ودفئاً ليرأف قليلاً بالشعب المتجمّد الخاضع لحكّام جعلوا من أبسط مقومات الحياة كالتدفئة والطبابة والتعليم كابوساً لن يستيقظ منه اللبنانيون إلا بحفنة من الفريش دولار.
الحذر انقلب رعباً تحديداً عند أبناء الجبال المرتفعة حيث بدأوا محاولاتهم تأمين التدفئة لشتاء 2023 على اعتبار أنهم ذاقوا الويل العام الفائت بعد “الشتوية الطويلة” التي حلّت على لبنان. ويعتلي المشهد الاجتماعي الصعب “تجار الأزمة” الذين استغلوا الصقيع ليحتكروا المواد المشتعلة ويبيعوها بأسعار خيالية العام الفائت ويرسموا معهم تسعيرة جنونية للعام الحالي حتى بات معدل كلفة التدفئة على ارتفاع 1000 متر تقريباً 1760$ أي (8 براميل للمازوت كحد أدنى) ما يقارب الـ62 مليون ليرة في حال استقر سعر صرف الدولار على 35 ألف ليرة للدولار الواحد.
هذا في حال توفرت مادة المازوت وإلا سيلجأ اللبناني إلى تبديل أسلوب التدفئة واللجوء إلى التدفئة على الحطب، الذي بات سعره مع ما يحتاج من مواد أخرى كالـ “كسر والقراعة والمهل” ينافس سعر برميل المازوت.
وفي سؤال لأحد تجار الحطب والقراعة حول التكلفة، يقول لـ “هنا لبنان”: “طن القراعة 350$ وطن الحطب السنديان 240 $ ومتر حطب الصنوبر 80$ أي الطن بـ 160$ وبمعادلة بسيطة يحتاج المنزل على ارتفاع 1000 متر حوالي 3 طن من القراعة والحطب سوياً، أي بكلفة 590$ ما يعادل 20 مليون و650 ألف ليرة، ما يجعل التدفئة على هذه المواد أقل كلفة من تلك التي تستخدم المازوت والذي لا يقدم الدفء الكافي في المناطق الجبلية”.
أما بالنسبة لأسعار “الوجاقات” التي تعمل على الحطب فتتراوح أسعارها بين الـ150 دولار و الـ300 دولار .
من جهته، يقول رب أسرة تتألف من 4 أفراد لـ “هنا لبنان”: “تأمين التدفئة لهذا الشتاء أشبه بالمستحيلات السبعة، العام الفائت اضطررنا لأن ننام باكراً كي نوفر المازوت ونتغطّى بالحرامات ولكن هذا العام لا نستطيع شراء برميل واحد من المازوت الذي يتخطى سعره الـ200$ أي 6 ملايين ليرة فيما لا يزال راتبي على سعر صرف 1500 ليرة”، مضيفاً “هذا إعدام للشعب اللبناني حتى بات الموت برداً حلال على فقراء بلادي”، داعياً “دول العالم للنظر إلى فقراء لبنان واعتبارهم كالنازحين السوريين ومساعدتهم لتأمين مواد التدفئة على الأقل”.
وتابع: “في المناطق الجبلية يبدأ فصل الشتاء مبكراً أي من شهر تشرين الثاني ولا ينتهي قبل أواخر شهر نيسان، ما يعني إننا نبقى 6 أشهر في الصقيع ولا نستطيع إطفاء المواقد خاصةً بوجود الأطفال”.
ويقول آخر، مستذكراً العام الماضي الذي شهد صقيعاً غير مسبوق: “انشالله ما بتنعاد الشتوية الماضية، عانينا فيها كثيراً حتى بدأنا هذا العام بتخزين حتى جراجيم الزيتون (ما يوجد داخل حبة الزيتون) كي نشعلها في الشتاء مثل الكسر والقراعة بعدما اضطررنا العام الفائت لإشعال حتى الثياب البالية والأحذية لنحظى بالقليل من الدفء”.
وختم: “نتمنى أن تكون حدة البرودة هذا العام أقل وأرحم علينا لأننا عاجزون عن تأمين حاجتنا للحصول على التدفئة خاصةً مع الارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار فيما تسجل تكلفة التدفئة أرقاماً قياسية وبالفريش دولار حصراً”.