إقرار الموازنة إرضاء لصندوق النقد… والمواطن من يرضيه؟ جباعي:موازنة 2022 لن تُقنع الصندوق بإيراداتها ونفقاتها
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
“كم من أمور تُقترف باسمك يا صندوق”:عبارة تختصر مشهد الهرولة، بعد تباطؤ، لتنفيذ شروط مقرونة بوعد صندوق النقد الدولي بإعطاء لبنان الثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات والتي هي بالأساس لن تحل الأزمة.
في هذا الإطار كان على عاتق المجلس النيابي مسؤولية إقرار مشاريع قوانين وإصلاحات ملحة يشترطها الصندوق ومطلوبة دولياً من أجل دعم لبنان حتى “تبدأ عجلة الحل بالدوران سريعاً” كما وُعد لبنان من بينها إقرار الموازنة العامة في المجلس النيابي ولكن موازنة إصلاحية تخفض النفقات بالإستناد إلى إقتصاد منتج وليس موازنة رقمية كتلك التي ناقشها المجلس النيابي، إضافة إلى إقرار القوانين التي تشكل مرتكزات برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ التزامات الحكومة اللبنانية في هذا المجال كقانون الكابيتال الكونترول وقانون رفع السرية المصرفية وصولاً إلى تحرير سعر الصرف وإعادة النظر في وضع الإدارة وغيرها من الإجراءات الضرورية لإعادة الثقة بالمؤسسات. فيما البت النهائي في خطة التعافي والنهوض الاقتصادي ضروري. وهنا تكمن المعضلة.
وفي هذا السياق، أكد الباحث والخبير الإقتصادي الدكتور محمود جباعي أن لا أحد يريد إقرار خطة التعافي بل إن ما يريدونه هو تمرير الوقت، ولن تُحل الأمور طالما ليس هناك من خطة سياسية للحل.
ولفت جباعي إلى محاولة حكومة تصريف الأعمال ومعها المجلس النيابي تقديم أي أمر لإرضاء صندوق النقد الدولي خصوصاً بعد إقرار قانون السرية المصرفية الذي وصفه الصندوق بأنه لا يزال تشوبه “أوجه قصور رئيسية”، يُضاف إلى ذلك الفشل في إقرار الكابيتال كونترول لأنه غير منصف للمودعين في ظل غياب أي خطة واضحة اقتصادية مالية للتعافي. وبالتالي المحاولة اليوم هي لإرضاء الصندوق بإقرار الموازنة، بصرف النظر عن الدخول بتفاصيلها فيما البلد بحاجة إلى موازنة أفضل من القاعدة الاثني عشرية، إلّا أنّ بنود هذه الموازنة وتقديراتها غير واضحة خصوصاً ما يتعلق بسعر الصرف.
وسأل جباعي: كيف يمكن إقرار موازنة من دون توحيد سعر الصرف في ظل عدم وجود رؤية لتقريب أسعار الصرف المختلفة في البلد؟
الرد على هذا السؤال يقودنا إلى استنتاج أن إيرادات ونفقات هذه الموازنة غير واقعية وبشكل أساس ايراداتها. ويالتالي رأى جباعي أن موازنة 2022 لن تُقنع صندوق النقد حتى لو أقرت في هذه الطريقة.
وبالمقلب الآخر ستكون الموازنة ظالمة ومجحفة بحق المواطن اللبناني لأنها وضعت من دون خطة تعافي اقتصادي مالي ومن دون كابيتال كونترول لحماية أموال المودعين. لذلك وبحسب جباعي فإن إقرار الموازنة هو فقط من أجل إرضاء صندوق النقد و”لن تقدم ولن تؤخر” لا في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ولا بالنسبة للحل الاقتصادي في البلد، إذ إنها ستكون لمدة شهرين فقط، مع أنها ضرورية، ولكن يجب أن تحتوي على خطة اقتصادية للتعافي يجب الانطلاق منها للتحضير لموازنة 2023 لإقرارها في الشهر الأول من السنة المقبلة.
أمام موازنة بعيدة كل البعد عما يتطلبه الاتفاق مع صندوق النقد الدولي خصوصاً لناحية الإصلاحات، وفي ظل المطالبة في المجلس النيابي بوجوب ردها إلى الحكومة باعتبارها تفتقد إلى الرؤية الإقتصادية والاجتماعية، مفارقة لا نجدها سوى في لبنان: أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة تنتقد الموازنة في المجلس النيابي وتهاجمها ثم تصوّت لإقرارها!!
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |