بيان نيويورك… رئاسة وحكومة وضبط السلاح
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
لا يحتاج البيان الصادر عن وزراء خارجية الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا إلى قراءة بين السطور لفهم موقف هذه الدول الثلاث من الوضع اللبناني ولا سيما لجهة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بلبنان.
لا بد وأنّ الموجودين في السلطة قرأوا البيان وكذلك المسيطرين على البلد ولكنهم بالتأكيد لن يطبقوا ما طالب به البيان لأن لا قرار بيدهم بل بيد حزب الله ولأن قسماً من هؤلاء يخشى الحزب وقسم آخر يرغب بمسايرته من أجل تحقيق مآربه الشخصية.
فعلى صعيد تشكيل الحكومة سيضرب المسيطرون على السلطة بما جاء في البيان عرض الحائط، فقد دعا البيان “إلى تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان وتحديداً الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”، وبالتالي لن تلتزم الحكومة العتيدة بهذا التوجه لأنها ستكون في أحسن الأحوال مثل الحكومات التي سبقتها تعتمد المحاصصة والتعطيل والفشل.
أما لجهة طلب البيان من الحكومة الالتزام بالقرارات الدولية ١٥٥٩ و١٧٠١ و١٦٨٠و٢٦٥٠، فهو بمثابة الطلب من رئيسها ووزرائها التوقيع على حكم إعدامهم، لأنّ كل هذه القرارات تمس بالصميم بسلاح حزب الله ووجوده العسكري ومشروعه السياسي ووظيفته في تصدير وتلبية رغبات الثورة الإسلامية في إيران، ولن يقبل حزب الله بأي حكومة ترفع لواء تطبيق هذه القرارات، فهو لم يتحمل لا قبل القرار ٢٦٥٠ المتعلق بحرية الحركة لقوات اليونيفيل، ولن يتحمل بعده أي تحركات أو دوريات لقوات اليونيفيل لا تتناسب مع متطلبات وجوده جنوب الليطاني فيحرك في وجههم فرقة الأهالي، فكيف إذا جاءت حكومة أعلنت أنها تريد تطبيق القرارات الدولية؟
في البيان أيضاً مواصفات لرئيس الجمهورية العتيد الذي يفترض أن ينتخب في الموعد الدستوري أي قبل نهاية ولاية العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول وتقول هذه المواصفات إن الرئيس العتيد يجب أن يتمكن من توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية، ولكن هل هذا الأمر متاح أيضاً؟
في الوقائع أن حزب الله يتمسك حتى الآن برئيس مواجهة أو رئيس يدور في فلكه وإن تمكن من تحقيق ذلك فلن يكون لهذا الرئيس موطئ قدم في دول الخليج المستعدة لمساعدة لبنان وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، كما لن يكون له الدعم من المجتمع الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة، فهل يتخلى حزب الله عن فرض رئيس يدور في فلكه، وأن يفسح المجال لرئيس مختلف يفيد البلاد والعباد؟
واضح من البيان أن الدول الثلاث ترفض أي شغور في رئاسة الجمهورية، وترفض بالتالي وجود حكومة تناط فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، وقد رسمت الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية خارطة طريق لخروج لبنان من الانهيار والفشل ولن يحدث ذلك إلا بقرار لبناني يواكب رغبات هذا المحور الثلاثي ويسقط كل مفاعيل المحور الممانع ورموزه وقد أودوا بلبنان نحو هاوية لا يعرف طريق الخروج منها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |