بعد زيادة رواتب القطاع العام: سيناريو مالي مخيف!
كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان”:
في أوج استفحال الأزمة المالية الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية مع هبوط حادّ بالقدرة الشرائية، صدّق مجلس النواب على زيادة رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين بنسبة ثلاثة أضعاف.
هذه “الدعسة الناقصة”، سجلتها جلسات مناقشة الموازنة العامة التي أرجئ البحث فيها إلى الاثنين المقبل في 26 أيلول الجاري إثر انسحاب نواب بعض الكتل النيابية وفقدان النصاب، ليخرج الجميع من الجلسة وكأن لا ناقة لهم فيها ولا جمل بما اقترفوا.
فهل فعلاً يدرك النواب ماذا فعلوا حين أُقرت هذه الزيادة بعيداً من حق العاملين في أي قطاع أكان عاماً أم خاصاً بتصحيح للأجور مع تدني قيمة العملة الوطنية؟ أم أنها كرمى لعيون الناخبين على اعتبار أن أغلب الموظفين في القطاع العام تحديداً من أزلام السياسيين؟
بمعزل عن دخول الزيادة في أساس الراتب أو صرفها تحت مسميات اخرى، المؤكد أنها تتطلب زيادة في الكتلة النقدية وطباعة الليرة ما يؤدي حتماً إلى التضخم وتجويفها من مضمونها.
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني وفي حديث لـ “هنا لبنان” رفض هذه المعالجة الخاطئة التي من شأنها زيادة الأعباء على الخزينة العامة نحو 12 تريليون ليرة لبنانية في مقابل غياب الإيرادات لتغطيتها. فالدولة المتخلفة عن سداد ديونها الخارجية غير قادرة على الاستدانة من الخارج، وفي الداخل لا مجال لذلك مع المصارف ما يحتم الزيادة في الكتلة النقدية يعني المزيد من التضخم وطبعاً الانهيار الإضافي في الليرة اللبنانية.
ويقول مارديني: ما حصل عبارة عن إعطاء الموظفين الزيادة بيد وأخذها باليد الأخرى فالليرة التي ستضخّ لتصل إلى جيوب الموظفين سيتم فيها إما شراء السلع والتاجر يحولها إلى دولار أو سيعمد الموظف إلى تحويلها بنفسه للدولار خشية من أن تفقد قيمتها بالعملة اللبنانية وكل ذلك يعني مزيداً من الطلب على الدولار الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى إرتفاع سعر الصرف، وما شهدته السوق المالية في الأيام الأخيرة من تقلبات ترتبط بإقرار الزيادة على الرواتب.
ويشدد مارديني على أن أي زيادة بالليرة اللبنانية وغير ممولة هي حتماً تضخمية ودولرة الرواتب وفق الأصول هي الحل الوحيد.
وعن إقرارها من دون النظر إلى تداعياتها السلبية يقول مارديني: الموظفون ناخبون والقوى السياسية هي من قامت بتوظيفهم وإن لم تقم بهذه الخطوة ستخسر الأصوات واصفاً القرار بالشعبوي السياسي بعيداً من أي إدراك ووعي للواقع مستغرباً دولرة الضرائب والدفع بالدولار فيما المدخول بالليرة اللبنانية وهو أمر غير واقعي مطالباً بالسماح للشركات بدولرة الرواتب وإعتماد التسعيرة والضرائب بالدولار.
ويأتي النقاش في الموازنة بعد أشهر من الخلافات حول بنود عدة يتقدمها الدولار الجمركي وهنا يحذر مارديني من التهرب الجمركي الذي سترتفع وتيرته مع اعتماد سعر جديد.
إذاً، كل الإجراءات غير المدروسة التي تتخذ والزيادات التي تقرّ لن تصمد كثيراً أمام الانهيار الدراماتيكي بفعل اتساع الهوة بين الليرة والدولار.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قمة “إجماع عربي” في الرياض.. ولبنان سيحضر في البيان الختامي! | الجيش خط أحمر.. سور كنسي يحمي القائد! | “المجاري” تغزو الساحل.. روائح كريهة تخنق المواطنين وتهدد حياتهم! |