ميشال معوّض “فخامة الحنين” بين “البهلوانيّين” و”السيئين”
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
قرأت تعليقات كثيرة في الساعات الماضية عن جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة، من بينها أنّ اسم ميشال معوض “احترق”. الحقيقة أنّ اسم معوض ازداد لمعاناً، بعد توهّجه في الانتخابات النيابيّة الأخيرة.
ليس تفصيلاً أن تتوحّد أحزابٌ وكتلٌ ونوّابٌ في المعارضة دعماً لمعوض. يعيدنا الأمر إلى بعضٍ من “نوستالجيا” لمرحلة ١٤ آذار، قبل أن تكثر الأنانيّات ويضعف من يضعف ويزرع الخصوم بذور التفرقة.
فميشال معوض، الاستقلالي والسيادي الذي آمن بالمصالحة المسيحيّة، سلك في السنوات الأخيرة خطّاً تصاعديّاً في المشهد السياسي، فأثبت نفسه وما تخلّى يوماً عن الثوابت في خطابه، ولا تنازل أمام حزب الله ولا وثق به، واستقال حين وجبت الاستقالة.
وكان ميشال معوض، منذ اليوم الأول ما بعد الانتخابات النيابيّة، رائداً في بذل المجهود لتوحيد المعارضة، وظهر بمظهر “أمّ الصبي”، وما تأييد القوات اللبنانيّة له، وعلى رأسها الدكتور سمير جعجع المرشّح الطبيعي والمستحقّ، سوى نقطة بيضاء ناصعة في سجلّ “القوات” التي حاول رئيسها جاهداً أن يقول لجميع المعارضين تعالوا إلى كلمةٍ واحدة، فسمع من سمع وصمّ بعضهم الآذان، كالطرشان.
نعم، في المجلس “طرشان” لا يمارسون السياسة بل اختاروا الشعبويّة، منذ انتُخبوا، بل قبل ذلك. وأخطأوا في خياراتهم كلّها، وارتكبوا خطأً جديداً في جلسة انتخاب الرئيس عبر التصويت لشخصٍ لا يعرفه معظمهم ولا التقوا به ولا سمعوا برنامجه السياسي ولا أصغوا لرؤيته، ولا هو يريد أن يُنتخب أصلاً.
قرارٌ شعبويّ اعتباطيّ اتّخذ قبل ساعات من جلسة الانتخاب، بدل الانضمام إلى المعارضة الفعليّة، مع “القوات” و”الكتائب” و”الاشتراكي” و”التجدد” وبعض المستقلّين. قرارٌ يشبه التشبث بـ “مخلص الوطن” نواف سلام الذي وضع عليهم شروطًا تعجيزية حتى للترشح في بيروت الثانية في الإنتخابات، أو الإيمان بخطط حسان دياب السحرية، وصولًا إلى مسرحية إهراءات المرفأ أو رمي سينتيا نفسها بين المتظاهرين في ساحة النجمة، أو خلع بولا لعقدها مدّعيةً بأنّ ثمنه ١٠ دولارات مع أننا لسنا في إحدى مقاطعات الإتحاد السوفياتي السابق وهي سيدة حرّة بما ترتدي أو تقتني…
أما أسوأ ما في جلسة الانتخاب فكان أصحاب الأوراق البيضاء. هؤلاء، بأوراقهم البيضاء، يدفعون البلد نحو مصيرٍ أسود، بدءاً بالشغور الرئاسي والمزيد من الانهيار والإبقاء على مصادرة القرارات السياسيّة والأمنيّة من قبل حزب الله.
انتخب الناس هؤلاء، منذ أشهرٍ فقط، من أجل أن يكونوا أصحاب قرار، لا أن يضعوا أوراقاً بيضاء في مرحلةٍ مصيريّة. من بين هؤلاء من يريد جبران باسيل رئيساً يكمل مرحلة الهدم التي بدأها عمّه. ونِعْمَ الخيار!
فهنيئاً لميشال معوض ما ناله من أصوات الكرامة. وهنيئاً له اسماً لا يُحرَق، لأنّه مجبولٌ بدم رينيه معوض، رجل الدولة العقلاني المعتدل، تلميذ فؤاد شهاب النقي والمؤسساتي. عساه يبلغ قريباً المنصب الذي ناله الأب الشهيد ويخرج حيّاً، علّه يحيي الوطن الذي ينازع!
مواضيع مماثلة للكاتب:
35 عاماً… فهل نعطي رينيه معوض حقّه؟ | ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… |