من معوض الأب إلى معوض الإبن.. “ميشال سر أبيه”
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
يا لها من مفارقة!
29 أيلول 1989، يصل النواب اللبنانيون إلى مدينة الطائف لمناقشة “وثيقة الوفاق الوطني” وإقرارها، والتي عُرِفَت بـ “اتفاق الطائف”، ولتنتهي بانتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوض رئيسًا للجمهورية في الخامس من تشرين الثاني من السنة نفسها.
29 أيلول 2022، بعد ثلاثة وثلاثين عامًا بالتمام والكمال، على “أيلول الأول”، ينال النائب ميشال معوض ستة وثلاثين صوتًا في أول جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مفارقة ثانية، الرئيس الشهيد رينيه معوض نال في دورة الاقتراع الأولى 35 صوتًا، فيما نال نجله ميشال، في الجلسة الأولى ستة وثلاثين صوتًا. رقمان متقاربان جدًا على رغم تباعد الفترة الزمنية.
ماذا يعني أن يلتقي السياديون على اسم ميشال معوض؟
بكل بساطة، إنه التقاء على اسم سيادي بامتياز!
ميشال معوض، منذ لقاء قرنة شهوان إلى اليوم، في خطٍّ سيادي مستقيم لا تعرّج فيه، وقد كلَّفه هذا الخط أن خسر النيابة مرَّةً حيث ضُرِب من “بيت حلفائه” في قوى 14 آذار حيث أعطيت التعليمات في مجدليا لصب الأصوات لخصمه، وهو في قوى 8 آذار! لم يتراجع، باع كثيرًا مما يملكه إرثًا من أبيه، “ليُبقي بيته مفتوحًا”، وقلةٌ يعرفون أن ميشال معوض سافر إلى أميركا الجنوبية بعد خسارته في الانتخابات النيابية، عله يستطيع أن يعمل في اختصاصه كمحامٍ، ولو كان ممن أغنتهم الإنتخابات لَما سافر إلى أميركا الجنوبية بحثًا عن عمل.
عندما استشعر أن النيابة تحوَّلت إلى عبء سياسي في ظل التخاذل، استقال منها، وآثر التخلي عن مقعده للجلوس في مقاعد السياديين والتغييريين.
ميشال معوض لم يحِد يومًا عن نهج 14 آذار وثورة الأرز، بدليل أن الإتفاق مع الكتل السيادية لم يستغرق وقتًا طويلًا، فصبَّت أصواتها لمصلحته، علمًا أن الفريق الآخر، منظومة 8 آذار، لم ينجح في ردم الهوَّة بين حليفيه، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فكان المخرج عبر الأوراق البيض التي تعكس التشرذم لدى قوى الثامن من آذار، وعدم السيطرة على الوضع.
من هنا إلى أين؟
بعد 29 أيلول ليس كما قبله، النائب ميشال معوض حجز مقعدًا له كمرشَّح جدي، وليس صحيحًا أن الجلسة الأولى كانت جلسة “حرق أسماء”، فمَن يطرحون هذه المقولة، لا يعرفون طبيعة الانتخابات الرئاسية في لبنان، هل الرئيس الراحل الياس سركيس احترق عام 1970؟ وبعد الطائف، هل الرئيس الراحل الياس الهراوي احترق في جلسة القليعات 1989؟
ميشال معوض يملك شبكة علاقات سياسية تصل إلى واشنطن وإلى الرياض، لكن هذه العلاقات لم تتقدَّم يومًا على لبنانيته. أخذ عن والده التبصر والعقلانية وعدم التهور، حين استشهد رينيه معوض، كان ميشال في عمر السبعة عشر عامًا، وبالتأكيد أخذ أشياء من والده، فالإبن سر أبيه. رينيه معوض كان شهابيًا حتى العظم، أي أنه كان رجل مؤسسات وقانون ويقرأ في “الكتاب” أي في الدستور، كما كان يسميه الرئيس فؤاد شهاب. وهذه الميزة تكاد تكون الأبرز عند ميشال معوض، وهي الجامع المشترك بينه وبين والده.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |