في سبيل “الفريش دولار”..شباب لبنان فريسة للـ “تيك توك” حتى لو الثمن كرامتهم!
كتبت مريانا سري الدين لـ “هنا لبنان”:
بوجوهٍ ملوثة وثياب مقطّعة وشعرٍ ملوّن ومليء بالغبار مع التشبّه بالحيوانات، يخرج شبان وشابات لبنانيين ولبنانيات ليحتلّوا منصّة “تيك توك” في بث مباشر أقل ما يقال عنه أنه تافه لا يُشبه وجه لبنان الحقيقي وشابات وشبان لبنان الذين حملوا بلدهم في الحرب والسلم وكانوا العمود الفقري لبلد الحرف إلا أن ما تشهده منصة “تيك توك” اليوم من تفاهة وإذلال للشباب اللناني من أجل الحصول على حفنة من الدولارات يُندى له الجبين ويعكس حجم الانحدار الاخلاقي والفكري لفئة عمرية شابة يفترض أن تكون السند الأساسي لقيام الاقتصاد في لبنان ومحاسبة السلطة الفاسدة التي أخرجت هؤلاء من ساحات النضال إلى مساحات من الإذلال والإهانة افتراضياً.
ففي عالمٍ موازٍ لبؤس اللبنانيين يخرج شبان وشابات ببث مباشر live على ناشطين من حول العالم وهم يتوسلون الإعجاب أو “likes ” والهدايا الافتراضية اي الـ”gifts” التي كلما زادت كلما ارتفعت نسبة أرباحهم بالدولار في ظل انهيار قيمة عملتهم الوطنية. إلا أنه ومقابل الحصول على الدعم الافتراضي يتوجب على أولئك الـ “تيكتوكرز” القيام بتحديات تصل ببعضهم إلى التشبه بالحيوانات مثلاً والعواء وتقليد أصوات القردة والقطط أو وضع الرأس على الأرض أو داخل علبة أو سكب الطحين على أجسادهم ووجوههم كلّه من أجل الحصول على التفاعل الافتراضي هذا أي “الدولار الفريش”.
هذه المشاهد يترافق معها إطلاق عبارات وأحاديث تصعق أي شخص يُتابع عالم “تيك توك” حتى بات اللبناني مضرب مثل على هذه المنصة بين الناشطين العرب، بالذل والانحدار الأخلاقي في سبيل الحصول على أكبر عدد من اللايكات أو الهدايا الافتراضية فبات بإمكان أي شخص لديه من هذه الهدايا الافتراضية، طلب المستحيل من بعض “التيكتوكرز” اللبنانيين وسيلبّون طلبه في البث المباشر من أجل الحصول على هذه الهدايا.
ولكن بالرغم من السوداوية المخيمة على بعض العقول إلا أن قلة استخدمت المنصة لأهداف إنسانية سامية، حيث استغل الناشط حسن فنيش حسابه الذي يضم حوالي النصف مليون متابع ليخرج في بث مباشر مع الشابة اللبنانية نانسي المصابة بالسرطان وتقديم أرباح البث لمساعدتها في العلاج.
منصة “تيكتوك” تتشابه معها منصة bigo live التي بدأ التسويق لها في لبنان، حتى بات الإعلان عنها يتم على مجموعات التوظيف في لبنان، وتقوم أيضاً على فتح بث مباشر لاستقطاب المشاهدات والتحدث مع المتابعين بأي موضوع كان وحتى أحاديث منافية للأخلاق من أجل استمرار البث وبالتالي الحصول على الدولار.
وقال ناشطون لـ “هنا لبنان” أنه يجب الحذر من استخدام هذه المنصة لأنها غير آمنة وهدفها “قيام الفتيات بفتح بث مباشر مقابل الحصول أيضاً على هدايا افتراضية”، أي “شحاذة مبتكرة ولو كان المقابل هو الظهور بشكل غير لائق أمام آلاف المشاهدين”.
وبالتالي، بات الشباب اللبناني ضحية التسليع الرخيص عبر منصات افتراضية بعدما عجزوا عن مغادرة بلادهم المدمرة اقتصادياً أو العثور على فرص عمل محترمة تقدر قدراتهم العلمية والفكرية أو حتى الإطاحة بطبقة فاسدة جعلتهم فريسة سهلة لهذه التطبيقات وذلك في سبيل الحصول على حفنة من الدولارات قادرة على مساعدتهم وعائلاتهم ولو كان الثمن هو كرامتهم الإنسانية.