رسائل تحذيرية من الجامعة العربية والسفير زكي يؤكد أن الفراغ قد يدخل لبنان في نفق مظلم
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
من نافذة الإستحقاق الرئاسي عاد الإهتمام الدولي والعربي إلى الواجهة اللبنانية مجدداً بعد إنكفاء قسري شهدته الأشهر الماضية، وسيتجلى ذلك في الزيارة المرتقبة التي ستقوم بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا نهار الجمعة المقبل في الرابع عشر من الشهر الجاري إلى لبنان، كما تجلى أيضاً في الزيارة التي إمتدت على يومين للأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي والتي جال خلالها على المسؤولين اللبنانيين والقوى والأحزاب السياسية مما يشير إلى عودة الإحتضان الغربي والعربي ومواكبته للإنتخابات الرئاسية وإستعادة المؤسسات الدستورية لعملها، إضافة إلى مساعدة لبنان التي لم تتوقف كي يخرج تدريجياً من أزماته الإقتصادية والمالية والإجتماعية.
تزامن الزيارتين يعكس الإهتمام الفرنسي والعربي لا سيما المصري بعدم الوقوع في الفراغ، إضافة إلى التنسيق من أجل إيجاد حلول عملية وحث المسؤولين اللبنانيين على ضرورة عدم الإنزلاق إلى ما هو أكثر صعوبة بعد الإنهيار الحاصل.
جملة رسائل تحذيرية حملها السفير زكي لمن إلتقاهم، وفي حديث مع موقع “هنا لبنان” أكد أن جامعة الدول العربية حاضرة كما دائماً لمساعدة لبنان وهي شريك دائم على مدى سنوات طويلة وستقوم بمساندته والوقوف إلى جانبه لا سيما أنها تؤيد حقوقه المتعلقة بمياهه وأرضه وثرواته. لكن في موضوع الإستحقاق الرئاسي فقد حث السياسيين على عدم التعامل مع هذا الإستحقاق بالطريقة الروتينية المعتادة من أجل عدم الوصول إلى نفق مظلم بفعل الفراغ الذي شهده لبنان سابقاً، والذي قد يؤدي إلى حالة من عدم الإستقرار والفوضى في حال عدم تمكن مجلس النواب من إنتخاب رئيس جديد للبلاد.
السفير زكي حذر من أن الفراغ الرئاسي في حال حصوله لن يكون مرحباً به، إذ حرص على دعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى تفهم خطورة هذا الأمر وتفادي حصول الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، كاشفاً عن تباينات كبيرة بين القوى السياسية الفاعلة وتواصل ضعيف فيما بينها مما قد يؤدي إلى عدم إنتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة ضمن المهل الدستورية، مشدداً على ضرورة التحلي بالمسؤولية الوطنية في ظل إهتمام دول العالم بمشاكلها وحروبها التي تخفف من إهتماماتها بالدول الصديقة.
وأضاف زكي لموقعنا أن الجامعة العربية تطالب دائماً ان يكون القرار للبنانيين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي. كما نفى حمله لأي مبادرة عربية وقال: “إن هدف وجودنا هو ألا نصل إلى المرحلة التي قد يقع فيها لبنان في فراغ كبير والموقف هو رهن توافق اللبنانيين وضرورة أن يعقدوا العزم على إنقاذ أنفسهم وبلدهم. محذراً من خطورة الفراغ ومؤكداً من أنه في حال وصول لبنان إلى هذه المرحلة فلن تقف الجامعة العربية موقف المتفرج. ورداً على سؤال حول إمكانية القيام بمبادرة أو حل على شاكلة حوار أو دعوة لمؤتمر دوحة2 قال: في حال إستدعى الأمر فلا شيء مستبعد.
أكثر من رسالة وجهها السفير زكي للقوى والأحزاب السياسية في ظل هذه اللحظة التي ستحدد مصير لبنان واللبنانيين في الفترة المقبلة، إذ تدرك الجامعة العربية وأمينها العام أحمد أبو الغيط دقة المرحلة التي يمر بها لبنان والتحذير قد يوقظ اللبنانيين قبل الوصول إلى المحظور.
مصادر متابعة لزيارته أكدت لموقع “هنا لبنان”، بأنها جولة تمهيدية من أجل خلق دينامية عربية لترتيب البيت الداخلي اللبناني، مشيرة إلى أن جامعة الدول العربية تحركت بإتجاه لبنان عندما إستشعرت أن هناك ضرورة للقيام بعمل سريع لتفادي حصول أمور قد لا تحمد عقباها، ومن أجل إعادة التوازن بين القوى السياسية من أجل إنتاج رئيس توافقي وليس رئيس مواجهة أو تحدي. كما أنها رسالة تحذير للمسؤولين من أن الفرصة مؤاتية للبنان لإستعادة دوره في ظل اللحظات الحرجة التي تعيشها المنطقة وضرورة الإبتعاد عن سياسات التأجيل والتسويف والإنجرار إلى سقوط الدولة بالكامل بفعل ممارسة التعنت والنكد السياسي مما سيرتب عواقب وخيمة على البلد.
إذاً رسائل السفير زكي التحذيرية وتمنياته تعكس وجهة نظر جامعة الدول العربية، كما ستعكس وزيرة الخارجية الفرنسية وجهات نظر بلادها وغيرها من الموفدين الذين يدركون حجم المخاطر التي تحدق بلبنان ويرون إمكانية قيامته في حال قام اللبنانيون بالتوافق في ما بينهم وبواجباتهم الوطنية تجاه بلدهم لضمان إستقراره وإستعادة عافيته من جديد.