صفحات “الأونلاين شوب” تشلّ حركة الأسواق التجارية المحلية
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
لطالما عُرف الشعب اللبناني بأناقته ولباسه واهتمامه بملاحقة الموضة والأزياء العالمية. وفي طبيعة الحال، شكّل الانهيار الاقتصادي أزمة كبيرة لدى تجار الأسواق المحلية، والمصانع ومعامل الخياطة وكل ما يعنى بهذا القطاع.
لا شكّ أن العالم يتطوّر بشكل سريع، وإذا كان لبنان يعاني من أزمات وانهيارات ومشاكل باستمرار فهذا لا يجعلنا نستسلم لواقعنا الأليم ونقف مكتوفي الأيدي نتفرّج على ما يحصل وسيحصل بنا كشعب. وبالرغم من أن الانهيار قد تسبب بتراجعنا عالمياً في غالبية القطاعات، ومنها الموضة والتصنيع والابتكار والتصدير، إن هناك العديد من المصممين اللبنانيين العالميين الذين لا نزال نفتخر بهم وبعملهم وبنجاحاتهم العالمية. وبالتالي، مع كل ما نواجهه اليوم في لبنان، لا تزال غالبية الناس تهتم بالموضة، وتعتبرها أمراً لا يمكن تجاهله.
ومع تطوّر العالم “الإلكتروني” وبروز مواقع “أونلاين”، أصبحت “معظم” وكي لا نقول جميع الأسواق اللبنانية تنهار رويداً رويداً.. في حين أن المواقع التجارية والتسويقية العالمية والتي تسعّر بالدولار ناشطة في كل المجالات، التجميلية، المنزلية، بالألبسة والأحذية، بأكسسوارات المنزل، بالمجوهرات، بألعاب الأطفال وغيرها… ممّا يجعلنا نتساءل عن سبب شراء اللبناني من الخارج وبالدولار بدلاً من النزول إلى السوق المحلية والتي تصنّع محلياً والشراء منه وبالليرة اللبنانية.
وفي السياق عينه، لا بدّ من الإشارة أيضاً، إلى أن صفحات المواقع الإلكترونية، والتي تربح بشكل هائل من عملية الشراء “أونلاين” وخصوصاً بعد مرور أزمة “فيروس كورونا” والتي تسببت بانقطاع الناس مباشرة عن الأسواق التجارية المحلية والتي دفعتهم إلى التسوّق عبر تلك الصفحات، أن معظمها لا تشتري بضاعتها من المصانع والمعامل اللبنانية لا بل غالبيتها تجلب أغراضها التسويقية من الخارج وخصوصا من تركيا أو الصين. والسؤال يطرح نفسه: ما السبب؟
في هذا الإطار، يوضح بعض أصحاب المحلات التجارية الذين يستوردون بضاعتهم من الخارج لـ “هنا لبنان” أنّ غالبية المعامل التي تصنّع في لبنان تعتمد على القطنيات، بالإضافة إلى أن أسعار البضاعة الوطنية مرتفعة أكثر بكثير من البضاعة المستوردة، كما وأنهم يعتبرون أن الجودة والنوعية أفضل من الصناعة المحلية، مشددين على أن المعامل والمصانع اللبنانية تسعّر بالدولار بدلاً من الليرة، معتبرين أن هذا الأمر لا يشكّل عليهم أي تغيير مقارنة بعملية الشراء من الخارج. وفي المقابل، يرى أصحاب تلك المحلات أن المواقع التجارية العالمية لديها ناسها وزبائنها، حيث أن الأسعار دائماً تكون بالدولار، بالإضافة إلى أن هناك خطورة في نوعية البضاعة المستوردة منتلك المواقع. ويلفت البعض منهم أيضاً إلى أن تلك المواقع تؤثر سلباً على إنتاجية وربح أصحاب “الأونلاين شوب” أكثر منهم.
ومن جانب آخر، يشير صاحب معمل لبناني يصنّع وينتج لبنانياً، إلى أن هناك حركة في الأسواق المحلية ولكن بنسبة خفيفة جداً، مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية قد لعبت دوراً سلبياً بشلّ الحركة التجارية والصناعية وخصوصاً مع ارتفاع سعر الدولار، آملاً أن تمرّ كل الأزمات الراهنة ويستعيد الاقتصاد التجاري عافيته، وإعادة الحركة الإنتاجية إلى “أيام العزّ”.
وفيما أقرت الموازنة رفع الدولار الجمركي بانتظار دخول الرفع حيز التنفيذ، فإن الصناعة اللبنانية ستتأثر من جهة، كما المحال والأسواق، فيما تبقى شركات الشحن والبيع العالمية كـ shein وغيرها الملاذ “الأرخص” للبنانيين الراغبين بالشراء من دون التأثر برفع الجمرك.
في الختام، إن عملية البيع والشراء عملية تجارية “محض”، ولا شكّ أنها تنعش القطاع الاقتصادي في حال عرف اللبناني مصلحته في تطوير عمله وزيادة الإنتاجية لديه… ولكن من المهم أيضاً، أن يشجع التجار بعضهم البعض، وأن ينعشوا التجارة اللبنانية لأنها وسيلة لحلّ أزمات كثيرة
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |