فرنسا تغوص في الملف الرئاسي.. لا لباسيل ولا لرئيس ممانع!
كتب طوني سكر لـ “هنا لبنان”:
وصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى لبنان في زيارة مقتضبة لساعات معدودة جالت فيها على الرؤساء الثلاثة، وعلى ما يقال صنفها البعض بأنها “زيارة شكلية للتذكير بدور فرنسا في الوصول إلى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بنجاح”، كما “لتأكيد دور فرنسا في التنقيب على النفط عبر شركة توتال”.
ولكن من لا يغوص في الرسائل الديبلوماسية التي أرسلتها كولونا يغيب عنه الكثير من فحوى الزيارة وأهدافها. في التوقيت والشكل يمكن اعتبارها زيارة تتويج لانتهاء المفاوضات البحرية الشاقة بنجاح، ولكن في الشكل والتوقيت أيضاً هذه الزيارة تأتي على مرمى حجر من انتهاء المهل الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، دون أن يستطيع المجلس النيابي التوصل إلى انتخاب رئيس.
أما في المضمون فيجب قراءة ما بين سطور تصريح كولونا في مؤتمرها الصحافي الذي “شددت فيه على احترام الاستحقاق الدستوري”، ولو غصنا في مفرد كلمة “استحقاق دستوري” نجد أن لا استحقاق دستوري يعلو على انتخاب رئيس للجمهورية فالاستحقاق الحكومي ليس على قدر الأهمية ، ففرنسا لا تثق بحكومات على شاكلة حكومة الرئيس ميقاتي والتي يحكى عن نسخة مستنسخة عنها لتولي صلاحيات الرئيس عند خلو سدة الرئاسة.
فأولوية فرنسا اليوم هي بإيصال رئيس جمهورية قوي وقادر فعلاً على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منذ سنوات، وقادر على تشكيل حكومة منسجمة قادرة على استلام زمام الأمور من إخراج البلاد من الذي تعيشه إلى تنفيذ الإصلاحات وصولاً إلى إدارة ملف التنقيب بشفافية وبدون “شفط”.
فلقد ثبت للإدارة الفرنسية أن لا خلاص للبنان برئيس على مثال الرئيس عون وحكومات كحكومة ميقاتي العاجزة.
ولم تكتفِ لوكونا بوضع أولوية انتخاب رئيس على نار حامية بل وضعت مواصفات الرئيس المقبل بقدرته “في التعامل مع اللاعبين الإقليميين لتخطي الأزمة الحالية”، بما معناه أن فرنسا تريد رئيس محاور وغير مستفز للاعبين الإقليميين وخاصة السعودية ودول الخليج التي وصلت إلى سحب سفيرها بعهد الرئيس عون بسابقة تاريخية لم تشهدها العلاقات بين البلدين. فبالنسبة لفرنسا لا يمكن السير برئيس كجبران باسيل، أو برئيس دمية و”صديق” لمحور الممانعة، فمواصفات الرئيس للفرنسيين واضحة “القدرة وعمق العلاقة مع اللاعبين الإقليميين”، أي قادر على إدارة إعادة النهوض بالشراكة وبدعم عربي وإقليمي ودولي، فالمرحلة القادمة تتطلب لدقتها رئيساً قادراً على إعادة التواصل والثقة للبنان، وكل رئيس مشكوك بقدرته أو باستفزازه للإقليم لن يتمكن من النجاح وخاصة لأن لبنان بحاجة لدعم دولي للنهوض ولإدارة ملف التنقيب، باعتبار أن لبنان رغم ضعفه في الوقت الحاضر، سيكون حاجة للدول الأوروبية كمصدر للطاقة البديلة عن الفجوة التي ولدتها الحرب الروسية – الأوكرانية.
فعلى لبنان تلقف الرسالة الفرنسية الموجزة التي حملت الكثير، على أمل أن تلقى هذه الرسالة آذاناً مصغية في “غابة الطرشان”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بسام مولوي من معدن الرجال الرجال! | لبنان يتأرجح بين مطرقة شاوول وسندان الشامي! | انتخابات القوات أمثولة… كيروز لـ “هنا لبنان”: القوات إطار جامع لأجيال المقاومة |