ثورة الـ “واتسآب” بلا قيادة.. فماذا أنتجت بعد 3 سنوات؟
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان”:
اقتربت الذكرى الثالثة لثورة 17 تشرين، التي انطلقت في 17 تشرين الأوّل 2019، تزامناً مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون.
وهنا صلب المسألة، فهذه الثورة التي ترافقت مع مرور ثلاث سنواتٍ على تولّي الرئيس عون ومع التفاهم بينه وبين الرئيس سعد الحريري، ما أدّى إلى تراجع الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة والإنمائيّة بما يشبه الجمود في القطاعات كافّة؛ كانت الصرخة المدوّية في وجه عهدٍ ادّعى القدرة على التغيير وقلب الموازين ونقل اللبنانيّين من ضفّة الفقر والحاجة والجمود الإنمائي إلى ضفّة البحبوحة والتطوير والتخلّص من أدران الماضي الفاسد إداريّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً.
فجاءت الثورة بعد القطرة التي جعلت الكيل يطفح باللبنانيّين، إذ لمس اللبنانيّون لمس اليد التواطؤ بين القيادات كافّةً وتقاسم المناصب والمنافع في ما بينهم بعيداً عن مصالح الشعب والوطن.
ولم تكن زيادة التعرفة على خدمة الواتساب حينها إلّا تلك القطرة أو الشعرة التي قصمت ظهر البعير.
لكنّ ما تلا تلك الثورة، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، طرح عدّة علامات استفهامٍ حولها.
فقد بدأ تصاعد سعر صرف الدولار مقابل العملة اللبنانيّة إلى حدودٍ مبالغٍ بها، كما حدثت أسوأ الكوارث عام 2000، وهي انفجار مرفأ بيروت وتداعياته.
بمقابل كلّ ذلك، ظهر بوضوحٍ عدم قدرة الثورة على تحقيق معظم أهدافها، ومنها إسقاط الطبقة الحاكمة ككلّ، لا بل إنّ هذه الطبقة رسّخت وجودها في عدّة مناسباتٍ وبخاصّةٍ بعد انتخابات العام 2022 النيابيّة.
وفي هذا الإطار، سألنا الصحافي ربيع داغر، فأوضح لنا مقاربته لثورة 17 تشرين كما يلي:
“على الرغم من تعثّرها، تبقى ثورة 17 تشرين ذات مدلولٍ أخلاقيٍّ ووطنيٍّ ينمّ عن وعيٍ جديدٍ للأجيال اللبنانيّة الحاضرة.
وعي بأهميّة إقامة دولةٍ حديثةٍ ومعاصرةٍ وعادلةٍ ليس فيها النمط الإقطاعي في السياسة والأسلوب الإنتهازي في الحكم وعقليّة الفساد المستشري في مختلف الإدارات والقطاعات.
والأهمّ أنّ خيار التحوّل الشامل في بنية النظام اللبناني أصبح مطروحاً في الداخل كما في الخارج، فقد أعطت الثورة نموذجاً قابلاً للتحقيق وسياقاً قد ينجح يوماً ما، مدعوماً بشعبيّةٍ لابأس بها في الداخل وبشرعنةٍ خارجيّةٍ وبخاصّةٍ لدى المنظّمات الدوليّة والدول المتضامنة مع مفاهيم الحريّة والسيادة والانفتاح اللبناني.
من هنا، أرى أنّ القفزة النوعيّة التي رسّختها ثورة 17 تشرين نحو عهدٍ جديدٍ مختلفٍ عمّا سبق، قد تكون ممكنةً في المرحلة القادمة مع نهاية العهد الحالي وضرورة إشراك كلّ القوى في تقييم المرحلة المقبلة”.
أمّا الناشط السياسي أنطوني رزق، فيقول:
“إنّ ثورة 17 تشرين كان لا بدّ منها كانتفاضةٍ على الممارسات السياسيّة والحكوميّة السائدة، لكنّها لم تكن تتمتّع بقيادةٍ ونظامٍ وخطّةٍ واضحة، لذلك لم تتحقّق أهدافها، فهي هبّة شعبيّة أو انتفاضة لم تصل إلى خواتيمها.
ونقطة ضعفها الأساسية كانت ارتكازها على المطلب الاقتصادي وغضّ النظر عن المطالب السياسيّة والوطنيّة، كالسلاح غير الشرعي والتهريب والفلتان في الإدارات.
لكنّ هذه الانتفاضة التي انطلقت في 17 تشرين تبقى قيمةً بحدّ ذاتها، بطابعها العفوي والشعبي ليس إلّا.
والواقع الحاضر يدلّ على تراجع هذه الثورة وعدم كفاءتها، فلا بدّ من ثورةٍ أخرى متكاملة الأهداف والرؤى والعمل الاستراتيجي للتغيير المنشود”.
ومجمل القول أنّ التغيير الذي عُوّل عليه منذ عام 2019 أي التغيير من القاعدة صعوداً نحو القمّة، تعثّر وتراجع؛ فهل يكون الحلّ النهائي والتغيير الفعلي عكسيّاً، أي من قمّة الهرم نزولاً نحو القاعدة ومروراً بكلّ القطاعات والإدارات والسلطات؟
فلعلّ رئيساً قابلاً وقادراً على التغيير ينقذ البلد في الفترة المقبلة، وإلّا سيبقى لبنان في حلقةٍ مقفلةٍ تتردّد مشكلاتها ومآسيها على مرّ العهود والعقود!
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |