المطار بلا كهرباء والحلول “بالسّراج والفتيلة”!
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:
لكلّ دولةٍ عربيّةٍ إنجازاتها وأهدافها ومشاريعها المستقبليّة، الّتي تتنوّع بحسب قدراتها، بين إطلاق مهمّةٍ فضائيّةٍ لاستكشاف كوكب المرّيخ، إنشاء مدينةٍ ذكيّةٍ خاليةٍ من الانبعاثات، استضافة كأس العالم لكرة القدم؛ وغيرها. أمّا أحد أبرز إنجازات الدّولة اللّبنانيّة، عدا عن إدارة بلدٍ من دون موازنةٍ، فهو صرف أكثر من 30 مليار دولار على قطاع الكهرباء، من دون أن تكون لدينا ساعة كهرباء واحدة يوميًّا. وبدل أن يكون التّيّار 24/24، كما وُعدنا مرارًا منذ سنة 2013، أصبحت العتمة تُخيّم على المنازل والمرافق والمؤسّسات 24/24.
وقد وصل شبح الظّلام مؤخّرًا إلى مطار بيروت الدّولي ومرفأَي بيروت وطرابلس، بعد توقُّف معملَي الزّوق والجيّة عن إنتاج الكهرباء، بسبب مشاكل تقنيّة وفنّيّة، ما خَفّض معدّل التّغذية على الشّبكة العامّة. فتعطّلت بعض الخدمات، وانطفأت المكيّفات في أرجاء المطار، وارتفعت أصوات الامتعاض والاحتجاج؛ لتُصبح واجهة البلد خير مثالٍ على وضع ملايين اللّبنانيين الّذين أضحت أقصى طموحاتهم أن يتنعّموا بساعات تغذية إضافيّة.
لمواجهة هذه الأزمة، لجأ المعنيّون إلى استخدام ثلاثة مولّدات خاصّة لتسيير أمور المسافرين والوافدين، مع ما يرتّبه ذلك من أعباء باهظة جدًّا بسبب كلفة شراء المازوت لتشغيل المولّدات، إلّا أنّ ذلك يندرج ضمن خانة “التّرقيع” وليس الحلول الجذريّة والمستدامة. كما أنّ تعطُّل أيّ من المولّدات، كان من أبرز الهواجس، إذ سيؤدّي إلى توقّف خدماتٍ عدّة في المطار أو حتّى شلّ حركته.
وبعد أكثر من سبعة أيّامٍ على انقطاع “كهرباء الدّولة”، عادت الأربعاء التّغذية إلى مطار ومرفأ بيروت والمرافق الأساسيّة، بعد عودة معمل الزّوق الحراري إلى العمل.
في هذا الإطار، يؤكّد المدير العام للطّيران المدني في مطار بيروت الدّولي فادي الحسن، لـ”هنا لبنان”، أنّ “مشكلة انقطاع الكهرباء حُلّت منذ السّاعة الثّالثة من بعد ظهر الأربعاء”، موضحًا أنّ “العمل في المطار لم يتوقّف، بسبب استخدام المولّدات الكهربائيّة”.
ويلفت إلى أنّ “المشكلة أنّه لا يمكن أن تستمرّ المولّدات بالعمل بشكلٍ دائمٍ، وتشغيلها لأكثر من 7 إلى 8 أيّامٍ على التّوالي دون توقّف، هو غير منطقي. صحيحٌ أنّ المولدّات موجودة “stand by” وتعمل عندما ينقطع التّيّار، لكن لا يمكن تشغيلها بشكلٍ دائمٍ”.
من أكثر ما أغضب المسافرين والموظّفين خلال تلك الأيّام، هو تعطّل التّكييف في أقسام المطار كافّة، إلى درجة أنّ البعض شبّهه بالفرن! ويشير الحسن إلى أنّ “أجهزة التّبريد لا تعمل على المولّدات الخاصّة، وبالتّالي كلّما انقطع التّيّار الّذي تؤمّنه مؤسّسة كهرباء لبنان، تتوقّف الأجهزة المذكورة، على الرّغم من أنّ المطار يكون مضاءً والعمل مستمرّ فيه”.
وعن الجهة الّتي تتكفّل بتأمين المازوت لتشغيل المولّدات، يذكر أنّ “شركة “ميس” هي متعهّد أعمال التّشغيل والصّيانة في المطار، بحسب عقدٍ موقَّعٍ مع مجلس الإنماء والإعمار، ومن ضمن مهامها صيانة منشآت المطار وتشغيلها”.
بنتيجة انقطاع الكهرباء الفادح، أفاد وزير الأشغال العامّة والنّقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، الأسبوع الماضي، بأنّه سيبحث بمدى قانونيّة استئجار باخرة لتغذية المرافق العامّة بالكهرباء، لضمان استمراريّة عملها.
في السّياق، يشرح الحسن أنّ “كلام حميّة كان انطلاقًا من هواجس معيّنة، وكي لا تتكرّر أو تستمرّ الأعطال. وهو طرح حلًّا، ليكون هنالك مصدر لتزويد المرافق العامّة، أي المطار والمرافئ بالكهرباء؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّنا ذاهبون إلى استئجار باخرة”، مشدّدًا على أنّ “الأولويّة هي لتزويد المرافق، وعلى رأسها المطار، بالكهرباء بأيّ وسيلةٍ من الوسائل الّتي تختارها الدّولة؛ وهذا الأمر يُحلّ على مستوى الحكومة”.
الحديث يطول عن ثقب الكهرباء الأسود، الّذي يبتلع الأموال والآمال، من دون الحصول في المقابل على أيّ نتيجةٍ حسّيّةٍ، لا سيّما مع انقطاع الكهرباء عن الكثير من محطّات تكرير الصّرف الصحّي، في ظلّ تفشّي “الكوليرا”. والمضحك المبكي أنّنا بتنا نبحث “بالسّراج والفتيلة” عن أيّ وسيلةٍ لزيادة التّغذية الكهربائيّة، كان آخرها إعلان وزير الطّاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، أمس، وصول باخرةٍ محمّلةٍ بـ30 ألف طنٍّ من الفيول، ما قد يرفع التّغذية إلى 3 ساعات يوميًّا”. فهل يأتي نهارٌ نرى فيه الكهرباء 24/24، أم أنّ بعض الأحلام تبقى مستحيلة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |