6 سنوات من “السواد”.. وأخيراً غادرنا “نيرون” بعبدا
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
قصر بعبدا فارغ، تحقّق الحلم. فالفراغ أكثر رحمة من رئيس مرتهن، يدار من “الميليشيا” ومن “الصهر”.
جدران بعبدا اليوم تنفست الصعداء، بعدما عايشت 6 سنوات السواد العوني الذي عرفته عام 1988، القصر أصبح رسمياً بلا رئيس ولكن عادت له قيمته، وعاد حقاً “بيت الشعب”!
صحيح أنّ عون يوم دخل القصر، قال إنّه بيت الشعب، غير أنّه لم يكن كذلك، بل تحوّل إلى مزرعة عونية، يديرها جبران باسيل بعنجهيته وبأسلوبه الذي جعل منه أكثر شخصية مكروهة في لبنان، ويسانده الوزير سليم جريصاتي بفتاوى “خنفشارية” تمعن هتكاً بالدستور، وتبدع أعرافاً لا أسس لها.
حتى آخر لحظة في القصر، تابع عون تجاوزاته، فخرج وكأنّه لم يكن رئيساً، تبرأ من 6 سنوات “كارثية” واتهم الطبقة السياسية بكل ما ارتكبته يداه وحاشيته متناسياً أنّه كان على رأسها، وأن كانت لديه حقائب سيادية في أكثر الحكومات التي تتالت خلال عهده، وأنّه عرقل التشكيل مرات ومرات، فدخلت البلاد في سلسلة من الفراغات لعيون المحاصصة وكرمى لمطامع الصهر.
ودعنا عون قبل رحيله بخطاب “انفصامي”، خطاب كتب بحبر ناشط لم يدخل غمار السياسة، خطاب ركيك المحتوى مثله مثل العهد الذي داهمنا بعنوان “الأقوى”، فكان الأضعف، والأسوأ، ولم يخرج بأيّ إنجاز، إلاّ تدمير الدولة وتهجير شبابها، وتحويل كل المؤسسات إلى دمار!
إنّه الدمار العوني، انتهى اليوم رسمياً، فيما قائده يخرج وسط احتفالات، احتفال في جنازة، جنازة وطن لفظ أنفاسه الأخيرة في هذا العهد.
إنّه الغرور العوني، الذي لم يعرف لبنان منه إلّا الويلات، وكأنّ قدرنا في كل مرة يصل فيها عون إلى السلطة أن ندفع الثمن أو في أمننا أو في اقتصادنا أو في أحلامنا..
إنّها التفاهة العونية، التي لا ترى في الوطن إلّا “ممتلكات”، وتسعى لأن تأكل أكبر حصة من الكعكة لو على حساب مقومات الدولة واستمرارها!
اليوم، غادر عون غير مأسوف عليه، وإنمّا الأسف عمّا جنيناه خلال 6 سنوات، من انهيار وفساد ودمار وقمع، من إمعان في ضرب المؤسسات وشيطنتها ومحاولة السطو على القضاء وتقييده، 6 سنوات حكم فيها رئيساً كان ينظر فيها من قصره إلى شعب تفجّر بعضه في 4 آب، فيما اتخذ البعض الآخر من البحر قبراً من خلال الهجرة غير الشرعية، أما هو فكان يبتسم، باحثاً عن إنجاز هنا وهناك بين زوايا قصر مظلم، مثله مثل “نيرون” الذي أحرق روما وهو ينظر ببرود إليها!
اليوم، خرجنا من الحقبة العونية، لا يهم كم سيطول الفراغ، المهم أنّ من أحرق لبنان مرتين لم يعد في القصر، وأنّه عاد إلى الرابية ليسكن قصراً يديره حكماً جبران باسيل، فهنيئاً لهما ببعضهما، وهنيئاً لنا بفجر لن يكون فيه عون رئيساً!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |