السيد من فرحته بالترسيم كاد أن ينسى اسم عون
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
“الإنجاز اليتيم” الذي تباهى به رئيس الجمهورية ميشال عون في نهاية ولايته، ألا وهو إتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل لم يجد من يمدحه في الجمهورية سوى “التيار الوطني الحر” أي “التيار” الذي أسسه العماد عون ويرأسه حالياً صهره النائب جبران باسيل. حتى أن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في آخر إطلالته السبت الماضي جرّد حليفه في “تفاهم مار مخايل” من الأفضلية في تحقيق هذا الإنجاز. ولو أراد أن يعلّق الرئيس عون على كلام السيد الأخير، لما تأخر في الاستعانة بعبارة شكسبير “حتى أنت يا بروتس!”
لأنه “حدث تاريخي بإمتياز”، يعتبر مسؤول سابق في جلسة خاصة، أن الاستماع جيداً لزعيم “حزب الله” في الكلمة المتلفزة التي خصصها للحديث عن إتفاق الترسيم البحري، “مهم” لفهم طبيعة العلاقات بين “التيار” و”حزب الله” في المرحلة الجديدة التي تبدأ في الأول من تشرين الثاني، أي اليوم الأول الذي يصبح فيه الرئيس عون رئيساً سابقاً للجمهورية. ففي هذه الكلمة، خرج السيد من دائرة “المسايرة” لحليفه في الرابية بعدما شارف الأخير على الخروج من قصر بعبدا. وتوقف هذا المسؤول السابق عند النقاط التالية التي تناول فيها نصر الله دور كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس عون:
– في الأعوام 2009 – 2010 – 2011، تولى الرئيس بري مسؤولية متابعة ومباشرة هذا الملف على مستوى التفاوض والتواصل .أي أن نصر الله خالف كلياً ما قاله الرئيس عون في كلمته المتلفزة للبنانيين في 13 تشرين الأول حيث قال “أن ما وصلنا إليه بالأمس في ملف الترسيم لم يكن وليد الساعة، بل هو ثمرة مسيرة طويلة بدأت فعلياً في العام 2010 عندما أعدت وزارة الطاقة والمياه التي كان يتولاها الوزير جبران باسيل، مشروع قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبنانية…”
– منح السيد الفضل حصريا للرئيس بري فيما يتعلق بالخط 23 قائلاً: “الذي باشر الملف الذي هو دولة الرئيس بري الذي أعلن بوضوح أننا لن نتخلى ولا عن كوب ماء وبالفعل هذا الذي حصل… الرئيس نبيه بري كان حاسماً في هذا الأمر”.
-لم تفت نصر الله الإشارة إلى سوء العلاقات بين الرئيسين عون وبري على رغم إنتقال ملف الترسيم من عين التينة إلى قصر بعبدا قائلاً: “صحيح ما في كيميا بيناتهم…”
– وخلاصة ملاحظات السيد: “أن يُسجل هذا الإنجاز في عهد فخامة الرئيس ميشال عون، لا يجب أن يُلغي جهود الكل الذين تحملوا مسؤولية هذا الملف منذ البداية إلى النهاية”.
على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة، حيث تحدث نصر الله بإسهاب عن ملف الترسيم، فضلاً عن تناوله مواضيع عدة بينها “حركة الجهاد الإسلامي” في فلسطين، والتطورات الأمنية في إيران، إكتفى في موضوع نهاية ولاية الرئيس عون بالقول: “كُنت أريد أن أتكلم عن نهاية ولاية عهد فخامة الرئيس إميل لحود (واستدرك مصححاً) ميشال عون”. ويمكن ملاحظة هذا السهو في مشاهدة فيديو الكلمة.
-ويسأل المسؤول السابق: هل هو “ضيق الوقت” كما قال السيد الذي منعه من الحديث عن نهاية ولاية الرئيس عون، أم أن هناك أسباباً أخرى؟
ولعل الجواب على سؤال المسؤول السابق، أتى من الأمين العام لـ “حزب الله” نفسه عندما أبدى عدم إكتراثه بدعوة “التيار الوطني الحر” إلى مقاطعة حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها الرئيس ميقاتي، فقال: “على الرغم من أنه توجد لدينا الآن مشكلة في البلد في الرئاسة وفي الحكومة، لكن المسؤولين الموجودين والوزراء الذين يجلسون على رأس وزاراتهم، عليهم متابعة تنفيذ الاتفاق (الترسيم)… لأنه ضاع من لبنان وقتٌ كثير فلا يجوز أن يضيع منه وقتٌ أكثر”.
جرياً على المثل القائل “روما من فوق وروما من تحت”، صار واضحاً أن نصر الله بدأ يتعامل مع حليفه عون على قاعدة “بعبدا من فوق والرابية من تحت”. وبدأت الغيوم تتجمع في سماء علاقات “الثنائي الشيعي” مع جنرال الرابية. ومن نماذج هذه الغيوم، الاشتباك الكلامي غير المسبوق الذي نشب عشية مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا. فقد أطلت قناة “أو تي في” التلفزيونية التابعة لـ “التيار” قائلة: “في حضرة التاريخ، لا وقت للصغار. فكيف إذا أدلى هؤلاء الصغار بدلوهم التافه، في وقت يتأهب كل لبنان لاستقبال العماد العائد إلى الرابية، بعد ست سنوات أمضاها رئيساً في بعبدا، مسطراً قبل أيام إنجاز الترسيم البحري، بعدما استعاد الحقوق التي أهدرها البعض أو كادوا، قبل أن يعودوا إلى ادعاء البطولات، التي يدرك الجميع أنها وهمية”.
فجاء الرد سريعاً من قناة “إن بي إن” التلفزيونية التابعة للرئيس بري فعلقت على جملة مواضيع فقالت: “إرحل يا خازن جهنم غير مأسوف عليك وخذ معك الحاشية وصهرك، فالبلاد صارت حافية ولا أحد يريد أن يتفركش بجبران، خذه وارحل غير مأسوف عليك وعليه. أما ما تبشرون اللبنانيين به من فوضى وفساد دستوري تارة عبر توقيع مرسوم استقالة بدلاً من مرسوم تشكيل وأخرى عبر مقاطعة حكومة تصريف الأعمال فلا مكان له من الإعراب وما تروجون له من معلومات حول أن حزب الله لن يشارك في أية جلسات حكومية هو غير صحيح… إذ لم يصدر أي شيء في هذا المجال عن الحزب الذي مازال يقوم بجهود توفيقية”.
إذاً، هذه نهاية المطاف لعلاقات قامت ولا تزال على مصالح. فجنرال الرابية أخذ فرصته كاملة ولم يعد لديه ما يقدمه لسيد الضاحية. والأخير، كان فرحاً جداً في إطلالته الأخيرة بـ “الإنجاز التاريخي” أي إتفاق الترسيم البحري. ومن شدة فرحه تحدث عن الرئيس إميل لحود في وقت كان يقصد الرئيس ميشال عون الذي سقط سهواً في نسيان السيد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |