الأمن ليس على ما يرام يا معالي الوزير!
قالت القاضية سمرندا نصار إن نسبة الجرائم ارتفعت كثيرا في الفترة الاخيرة في لبنان خصوصا تلك المتعلقة بالعنف والسرقة والمخدرات.
ما تقوله القاضية نصار ليس خبرًا عاديًا، خصوصًا أنه يصدر عن قاضية مشهود لها في صوابية ما تقوله وما تصدره من أحكام. في المقابل نسمع وزير الداخلية محمد فهمي، بعد لقائه البطريرك الراعي، يقول إن الأمن جيد جدًا. من نصدّق؟
الأرقام لا تكذّب، خصوصًا إذا ما إستندت إلى وقائع ودلائل ومستندات. وخير دليل على ما تقوله القاضية سمرندا أن اللبناني لم يعد مطمئنًا كثيرًا إلى أمنه، وهو لا ينام إلا وسلاحه جاهز إلى جنبه، لأن أعمال السرقة ناشطة هذه الأيام، وهو أمر كان متوقعًا، بعدما زادت نسبة الفقر والجوع، وهو كافر ومحفّز للسرقة.
ليس مبررًا من يقوم بالسرقة، وفي بعض الأحيان تتطور الأمور وتؤدي إلى تشابك ورصاص وقتلى. فالسارق سارق أيًّا كانت المبررات والحجج والدوافع.
فعلى رغم الجهود التي تقوم بها القوى الأمنية، وبالأخص في ما يتعلق بمكافحة الجرائم المنظمة، فإن الأمن عندنا لا يدعو كثيرًا إلى الإطمئنان والإرتياح، وهو بات بالنسبة إلى البعض هاجسًا يشكل قلقًا مستمرًا، مما يدعو المسؤولين إلى إجراء عملية تقويم لكل المسار، الذي يسلكونه في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، وهو ينعكس سلبًا على مجمل الحياة اليومية للمواطن، سواء في أمنه العسكري أو في أمنه الإجتماعي أو في أمنه الغذائي.
وهنا نعود إلى السؤال الذي حيّر اللبنانيين على مدى سنوات، وهو: الأمن قبل الرغيف أم الرغيف قبل الأمن؟
البعض يعتقد أن الشق الأول من السؤال هو الأهم، وتبريره أنه لولا الأمن لما كان الرغيف، فيما يرى آخرون أن الرغيف يأتي في الأولوية بإعتبار أن البيئة الجائعة هي مصدر للقلائق ومصدّرة للعنف ولأعمال الشغب والسرقة والجرائم على أنواعها.
أيًا تكن المسببات في هذه الأيام فإن ذلك لا يعفي المسؤولين من تحمّل مسؤولياتهم، وأن يعملوا بالتوازي لإحقاق الحق ومكافحة الجرائم والعمل على إستتباب الأمن، وبالتالي العمل وبجدية على تأمين الرغيف مع ما يعنيه ذلك من ضروة الإستعجال بتأليف الحكومة، ولكن ليس أي حكومة، بل حكومة إنقاذ يكون همّها الأول والأخير تحقيق الإصلاحات المطلوبة كمقدمة لازمة لفك الأسر عن المساعدات الموعود بها لبنان، سواء من صندوق النقد الدولي أو من “سيدر”، وهي التي سوف توفر المناخ الملائم لإستعادة لبنان بعضًا من عافيته الإقتصادية وعودة الثقة من جديد بالنظام المصرفي، على أمل الإفراج عن أموال المودعين، وبالأخص الصغار منهم. بهذه الطريقة وحدها يؤّمن الرغيف، الذي يسعى إليه أصحابه بشق النفس وبالعرق المغموس في بعض الأحيان بالدمّ.
ما عسانا نقول لوزير الداخلية المتفائل؟
الأمن يا معالي الوزير ليس جيدًا كما تصفه، بل هو مقلق كما تصفه القاضية المحترمة سمرندا نصار.
ما حصل في نظارة قصر العدل في بعبدا دليل.
الإشتباكات في حي الشراونة في بعلبك أكبر دليل.
الحادث المؤسف في بشري دليل ساطع.
المصدر: لبنان24