أزمة الطحين تابع… مجلس شورى الدولة أصدر الحكم ومديريّة الحبوب والشمندر السكّري لم تنفّذ!
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
محاولات مكافحة الفساد في لبنان ليست سوى مساعٍ للتخفيف من حدّة الأزمة التي تطال المواطن بأبسط حقوقه. ملفّ الطحين إلى العلن من جديد، أزمةٌ مرتقبة قبل البدء بمحاسبة المسؤول عن الأزمة الحاليّة.
الجداول والبيانات المرتبطة بالطحين والتي تطرّقنا لها في “هنا لبنان” منذ أشهرٍ لم تُسلّم بعد إلى الجهات المعنيّة رغم الحكم القضائي. من المسؤول اليوم عن تهريب الطحين من جهة وعن عدم تسليم تلك الجداول من جهة أخرى؟
ولمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع تواصلنا في “هنا لبنان” مع نقيب عمّال المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان شحادة المصري الّذي أشار إلى أنّ المشكلة الأساسيّة تكمن بعدم تسليم بيانات دراسة كلفة وصناعة ربطة الخبز وأجور العمال، وكمية الطحين المدعوم للأفران في بيروت وجبل لبنان للنقابة من قبل وزارة الإقتصاد.
مُردفاً، إلى أنّه بعد الإنفجار الكارثي لمرفأ بيروت في 4 آب 2020 قدّمت هبات كبرى من الطحين للدولة اللبنانية ورغم ذلك ازداد إستيراد القمح والطحين والتي قدّرت كميّة إستيراده بعشرات آلاف الأطنان، وذلك لم يؤثر إيجاباً على سعر ربطة الخبز. مُشيراً إلى أنّ الإشاعات لإزالة الدعم عن الطحين قد بدأت في تشرين الأول 2020 وترافق ذلك مع بيعه في السوق السوداء من قبل جزء من التجار وأصحاب الأفران.
وبعد مطالبة النقابة في أواخر العام 2020 بالحصول على البيانات والجداول بحسب قانون حق الوصول إلى المعلومات، تمّ التخلّف عن تسليمها إيّاهم من قبل وزارة الإقتصاد؛ عندها تمّ اللّجوء إلى مجلس شورى الدولة في 29 آذار 2020. أصدر المجلس الحكم لإستحصال النقابة على الجداول، فكان التذرّع من قبل الوزارة أنّ النقابة لا يحق لها الحصول على جداول من جهة والتذرّع بإضراب القطاع العام وعدم وجود موظفين من جهة أخرى.
عندها قدّمت النقابة الطعن والمراجعة أمام المجلس لمرّتين متتاليتين وأبلغت الوزارة في النصف الأول من شهر آب الفائت عن وجوب تسليمها الجداول. وعند سؤالنا عمّا إذا تمّ تسليمهم الجداول والبيانات، أكّد المصري على وجودها داخل مكتب مديرية الحبوب والشمندر السكّري في وزارة الإقتصاد ولم يتمّ تسليمها بعد رغم الحُكم الصادر.
إعتبر نقيب عمّال المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان أنّ وزير الإقتصاد أمين سلام متعاون جداً وهو وزير نزيه؛ ومن خلال مساعي الوزير وعمله الجدّي قلّصت عدد الأفران في لبنان من حوالى 292 فرن إلى 184 فرن، وقلّلت كميّة الطحين الموزعة لكلّ فرن بين 10 إلى 15%، الأمر الّذي انعكس إيجاباً وقد أوصلنا إلى توفير 6000 طنّ من الطحين شهرياً خلال هذه الفترة بعد أن كان يتمّ التلاعب بهذه الكميّة من قبل التجّار!
وأضاف، السماسرة والمافيات والتجّار هم المسؤولين المباشرين عن تهريب الطحين، فيأخذونه من الوزارة ويهرّبونه إلى الخارج أو يبيعونه في السوق السوداء.
وختم المصري، “نتيجة خبرتنا بهذا الموضوع، ومشاهداتنا عن بيع الطحين بالسوق السوداء وتهريبه، حذّرنا ورفضنا أن نكون شهود زورٍ على ما يجري”. في لبنان تمّ ربط سعر ربطة الخبز وجميع المواد التي تدخل صناعته بالدولار، وسيرتفع الدعم عن الطحين بعد انتهاء قرض الـ 150 مليون دولار المقدم من البنك الدولي.
لا عجب بأن يشهد وطننا على إفلاس أخلاقيّ إداريّ في ظلّ إنهيار الدولة ومؤسساتها الرسميّة، فالفساد المتفشّي داخل البيروقراطيّة الإداريّة أوصلنا الى الإبتعاد عن تطبيق القانون والتهليل للجهة للأقوى!