الخلافات الحدوديّة بين لبنان وسوريا تعود إلى الواجهة
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان”:
عقب الإعلان عن إرجاء موعد زيارة الوفد اللبناني الرسمي إلى دمشق للبحث في ترسيم الحدود البحريّة مع سوريا، استعادت الذاكرة تاريخ الخلافات الحدوديّة البحريّة وكذلك البريّة بين لبنان وسوريا.
النزاع الحدودي البحري:
بالنسبة للنزاع البحري، فقد ظهرت بوادره في الشمال عندما صدر مرسوم تحديد المنطقة الاقتصاديّة الخالصة اللبنانيّة في عام 2011، وتضمّن لوائح إحداثيّات النقاط الجغرافيّة لحدود هذه المنطقة من الجهات الثلاث: الجنوبيّة والغربيّة والشماليّة.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث السياسي ربيع داغر:
“كان لبنان قد حدّد بشكلٍ منفردٍ النقطة الحدوديّة رقم (6) وأرسلها إلى الأمم المتّحدة في عام 2010، وأعاد تصحيحها في عام 2011 بتثبيت النقطة رقم (7)، وأبلغ إثرها الأمم المتّحدة بها، بالتزامن مع تحديد النقطة البحريّة الجنوبيّة رقم (23)”.
ويضيف:
“وبعد أن رسّم لبنان منفرداً، وبشكلٍ مؤقّت، حدود منطقته الاقتصاديّة الخالصة الشماليّة، عمدت سوريا إلى القيام بالممارسة ذاتها لجهة ادّعاء ملكيّة قسمٍ من المنطقة الاقتصاديّة الخالصة العائدة للبنان. واعترضت دمشق على الترسيم اللبناني المنفرد لمنطقته الاقتصاديّة الخالصة في الشمال، عبر إرسال رسالة احتجاجٍ إلى الأمم المتّحدة في عام 2014”.
علماً بأنّ هذا النزاع الحدودي البحري بين لبنان وسوريا يقع على مساحةٍ تتجاوز 750 كيلومتراً مربّعاً، وقد تصل إلى 1000 كيلومترٍ مربّع.
وإنّ مفاعيل هذا النزاع الحدودي البحري تشمل عرقلة التنقيب واستخراج النفط والغاز من كامل البلوكات اللبنانيّة من شماله إلى جنوبه، ما يجعل عمليّات التنقيب واستفادة لبنان من ثروته الطبيعيّة غير مكتملة.
النزاع البرّي:
أمّا بالنسبة للنزاع الحدودي البرّي بين لبنان وسوريا، فهو مسألة مزمنة؛ فترسيم الحدود مع سوريا مشكلة تاريخيّة لم تُحسم، رغم محاولات الترسيم عبر لجانٍ مشتركةٍ في السبعينيّات لترسيم الحدود البريّة.
وفيما توقّفت جميع الجهود لترسيم الحدود البريّة خلال فترة الحرب اللبنانيّة بين 1975 و1990، لم تؤلَّف لجنة رسميّة مشتركة لترسيم الحدود بعد الحرب، إلّا عندما طُرح ملفّ ترسيم الحدود البريّة بين لبنان وسوريا للمرّة الأولى في طاولة الحوار التي انعقدت في مجلس النوّاب اللبناني في عام 2006 لترسيم الحدود المشتركة بين البلدَين.
وهنا يقول داغر:
“بقي ترسيم الحدود عالقاً، مع أنّه كانت قد تشكّلت لجنة مشتركة أُوكلت إليها مهمّة ترسيم الحدود بعد قيام رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري بزيارة دمشق في عام 2010.
وكان لبنان قد بادر إلى تشكيل لجنةٍ أمنيّةٍ سياسيّة، زُوّدت بالوثائق والخرائط، ومنها ما يتعلّق بالخرائط الجويّة، وفيها مسح شامل للحدود بين البلدَين؛ لكنّ دمشق لم تواكب اللجنة اللبنانيّة لترسيم الحدود، وقالت السلطات السوريّة حينها إنّها كانت مشغولة بترسيم الحدود مع الأردن”.
إذاً، فالعديد من الملفّات الحدوديّة عالقة منذ نحو خمسين عاماً مع لبنان، وتتمثّل في أكثر من عشرين نقطة حدوديّة بريّة متنازع عليها، وتقع في نقاطٍ جغرافيّةٍ متداخلة؛ فضلاً عن النزاع القائم على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في جنوب شرقي لبنان على مثلّث الحدود مع فلسطين المحتلّة.
أمّا مفاعيل عدم ترسيم الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة الشرقيّة، فهي تبقي لبنان في حالة نزاعٍ مع “إسرائيل” وتمنع توضيح الأراضي التي تعود إليه ليصار إلى تحريرها إمّا بالمقاومة أو بالدبلوماسيّة؛ إضافةً إلى أنّ النقاط الحدوديّة المتنازع عليها بين لبنان وسوريا تعزّز من عمليّات التهريب بين الجانبَين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |