الديك والفراغ


أخبار بارزة, خاص 11 تشرين الثانى, 2022

كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:

بعد إخلاء النظام الأسدي السوري موقع السيطرة على القرار السياسي، وغير السياسي، في لبنان، لمصلحة ايران، و”ديكها” في لبنان، وهو حزب السلاح، الذي لن تجد تابعاً أكفأ منه لتنفيذ مراميها الإقليمية عبر بيروت، صار فراغ سدة الرئاسة عادة غير حميدة تتكر كل 6 سنواتن ولمدد متفاوتة.

في العام 2016، وصل الحزب إلى فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية، خصمه السابق العماد السابق ميشال عون، بعد سنتين من انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان الذي تولى الرئاسة بعد العماد الأسبق إميل لحود في شهر تشرين الثاني عام 2007، وحصول فراغ في منصب الرئاسة الأولى واشتداد الخلافات بين قوى 8 و14 آذار.

بعد أحداث 7 أيار 2008، تبنّت قوى 14 آذار اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان كرئيس توافقي للجمهورية داعية في 2 كانون الأول 2007 إلى أوسع تضامن وطني حول تلك المبادرة. وبرغم القبول المبدئي لقوى 8 آذار إلا أن عملية الإنتخاب تعطلت، ليس بسبب الخلاف على شخصه وإنما بسبب الخلاف بين الأفرقاء على ما بعد توليه المنصب مثل تشكيل حكومة جديدة وقانون الانتخابات.

أدى احتدام الخلافات وتسيّب الوضع الأمني، واحتلال قلب بيروت وأسر الحياة العامة، والإجتياح الدموي للعاصمة والجبل، دعت قطر القيادات السياسية إلى الاجتماع في الدوحة في 21 أيار من العام 2008 حيث وقّعوا اتفاقاً، أدى إلى إنهاء الخلافات وتولّي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية في 25 من الشهر ذاته.

كانت العقدة في الانتخابين الرئاسيين السابقين، هي العقدة نفسها في الانتخاب المرتقب: متى تسمى الدعوة إلى الانتخاب دورة أولى تحتم دورة ثانية بشروط الدستور ومنطقه؟

استلزم انتخاب ميشال سليمان 19 جلسة لم يكتمل فيها النصاب وانتخب في الجلسة الـ 20 بعد اتفاق الدوحة، فيما احتاج وصول الرئيس ميشال عون إلى قصر بعبدا 45 جلسة قبل اكتمال النصاب في الجلسة 46 (بعد 888 يوما من الشغور الرئاسي)، وقد دامت جلسة الانتخاب، بحضور 127 نائباً، أكثر من ساعتين تخللها 4 دورات انتخابية، انتهت بفوز عون بأكثرية 83 صوتا مقابل 36 ورقة بيضاء و7 أوراق ملغاة وورقة باسم ستريدا طوق جعجع.

يستنتج من ذلك أن الفراغ الدستوري في قمة السلطة صار معتمدا بعد غياب القبضة السورية، كما الحال مع انتخاب ميشال سليمان، ثم ميشال عون، واليوم مع الرئيس المقبل، ويعود “الفضل” لها في ابتداع تمديد ولاية الرؤساء من الياس الهراوي إلى اميل لحود.

مع الزمن الرمادي الراهن، المعلق بين إرادة السيادة والاستقلال، وبين خدمة المشروع الايراني، يصر أنصار الأخير على تخطي نص الدستور الواضح في صدد نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وتجاهل التمييز بين الجلسة الأولى، وشروط قانونيتها، والجلسات التالية ونصابها، إذ تطالبَ المعارضة بأن يكون اعتماد الثلثين عند انعقاد الجلسة ثم اعتماد نصاب الاكثرية المطلقة في الدورات الانتخابية اللاحقة في اتجاه أن تبقى الجلسة مفتوحة الى ان ينتخب رئيس، الامر الذي تصدّى له رئيس مجلس النواب نبيه بري داعياً اصحاب هذا الاقتراح الى “قراءة الدستور” الذي يلزم، وفق رأيه، باعتماد نصاب اكثرية الثلثين في كل دورة انتخابية. ونقلت مصادره أنه يرى أن هذا الطرح ينطوي على خفة. والخوف لديها، أو لديه، مبني على فرضية لا يميل إليها سوى أصحاب نية تدمير الوطن، ومفادها ان يجتمع 64 نائبا مسلماً مضافاً إليهم نائب مسيحي واحد، نتيجة ظرف سياسي معيّن، لانتخاب رئيس يتناسب مع ارادة هؤلاء النواب على حساب المسيحيين؟

الحقيقة الدستورية أنه في حال حضور 86 نائبا يتم النصاب ويلتئم مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، على أن ينال 86 صوتا من اصل 86 نائبا حضروا الجلسة الأولى من الإنتخابات الرئاسية.، وفي الدورة الثانية يبقى النصاب 86 نائبا، ولكن على من سيصبح رئيسا للجمهورية أن ينال 65 صوتا، وإذا لم ينل المرشح للرئاسة 86 صوتا من الدورة الاولى و65 صوتا من الدورة الثانية، يكون المجلس قد أخفق في ايصال رئيس للجمهورية.

يتبارى الأطراف السياسيون في إنكار الرغبة في تدخل الخارج في العملية الانتخابية، فيما توضح المماحكات السياسية أنهم لا بد واصلون إلى تكرار النهايات التي أوصلت ميشال سليمان وميشال عون إلى بعبدا، أي تفاهمات اقليمية ودولية لحل العقدة الرئاسية، التي وضع أسسها الديك الايراني في لبنان عندما رفع الشيخ نعيم قاسم عقيرته باتهام خصومه، وقبل أن يسموا أحدا للرئاسة، بأنهم يتبنون مرشح تحدٍ، أي وضع مشكلة العربة حتى قبل أن يولد الحصان، واستند إلى هذه العقدة التي ابتدعها ليعطل العملية الديموقراطية لعجزه عن ممارسة الإرغام كما زمن انتخاب عون لاختلاف المعطيات الاقليمية والدولية ناهيك بالمحلية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us