قاضية الحرس القديم والعهد السيئ
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
شهد عهد الرئيس السابق ميشال عون ظواهر كثيرة. هو مازح الإعلاميّين المعتمدين في القصر الجمهوري، قبل مغادرته، بأنّه كان ينقص وقوع نيزك في لبنان في عهده. الحقيقة أنّ النيزك سقط فعلاً، ويُدعى غادة عون.
في تاريخ القضاء في لبنان أصحاب قامةٍ وقيمة. شخصيّات مهمّة حكمت بالعدل ونطقت بالحقّ. وفيه، أيضاً، قضاة انحدروا إلى أحكامٍ كانت تصدر من جيوبهم لا من ضمائرهم. وفيه صنف ثالث يتمثّل بغادة عون.
فما فعلته عون خلال السنوات الأخيرة يشكّل سابقةً لا مثيل لها في تاريخ القضاء. هي ارتكبت مخالفات ظاهرة وثابتة، وكان سلوكها غريباً، وقد بلغت الذروة في الأسبوع الماضي مع تغريدةٍ يعرف ابن العاشرة بأنّها مركّبة وغير منطقيّة وأرقامها بعيدة عن الواقع. والأسوأ أنّ عون نشرت معلومات من دون تدقيق، وهي اعترفت في التغريدة التي حذفتها لاحقاً بأنّ المعلومات غير مؤكدة. وإذا كان بعض من ذُكروا في تغريدة عون تحوم حولهم شبهات فساد، فإنّها برّأتهم عبر نشر معلومات غير دقيقة وأرقام مبالغ بها.
هكذا يسهل مع قاضية العهد السابق التشهير بالناس، و”كبّ الحرام”، وهي مارسته مع كثيرين. رحم الله ميشال مكتف. وهكذا تسهل مخالفة القانون والتغريد وإطلاق الأحكام عبر “تويتر”، كما المواقف السياسيّة. في وقتٍ كان يتفرّج عليها التفتيش القضائي وعلى عشرات الدعاوى بحقّها، خوفاً من الرئيس السابق ومستشاره الضليع في شؤون القضاء.
أمّا آخر فصول قاضية “الحرس القديم” فكان رفضها المثول أمام مدعي عام التمييز في الدعوى المرفوعة ضدّها من رئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلته، لتقوم بما كانت تعيب على الآخرين القيام به. لا بل هي تقدّمت بطلب ردّ القاضي غسان عويدات.
والمؤسف أنّه في حديثنا عن غادة عون لا يمكننا أن نسخر أو أن نشمت، بل نأسف لما بلغه القضاء في لبنان من تدنٍّ في المستوى وقد كان فخرنا، كما المدرسة والجامعة والمستشفى. وإذا كانت هذه القطاعات عانت وتعاني بسبب الأزمة الاقتصاديّة، فإنّ القضاء يعاني أيضاً من تحوّل بعض القضاة إلى دمى متحرّكة في أيدي السياسيّين.
لقد انتهى العهد يا غادة. أما آن أوان انتهاء هذا “الجنون القضائي”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… | جبران: رِدّ الصاروخ |