مع قدوم الشتاء.. أشجار لبنان في خطر!
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان”:
بعدما قضت حرائق متفرّقة على ملايين الأمتار الحرجيّة على امتداد الخارطة اللبنانيّة، يقترب موسم الشتاء وتظهر معه أزمة التدفئة بالنسبة لآلاف العائلات نتيجةً لارتفاع أسعار الطاقة والوقود وبخاصّةٍ مادّة المازوت والغاز، فأسعار المحروقات في لبنان تضاعفت خلال سنةٍ عدّة مرّات، فيما بقي مدخول معظم الناس يساوي ثمن صفيحتَي مازوت، أو جرّتَي غازٍ منزلي.
يُضاف إلى العوامل السابقة، هناك عامل آخر ألا وهو استمرار انقطاع التيّار الكهربائي لساعاتٍ طويلة، وتصاعُد فواتير اشتراك المولّدات التي تفوق قدرة الكثيرين.
أمام كلّ ذلك، لم يجد أبناء الأرياف أمامهم إلّا العودة إلى التحطيب أو قطع الأشجار في مواجهة برد الشتاء.
وبالفعل، فحاليّاً، نرى القرويّين يقطعون الأشجار من الأحراج أو من جوار منازلهم تحضيراً للموسم القارس.
كما ونلاحظ إقبال كثيرٍ من الأُسر على إعادة إحياء “مواقد الحطب” من أجل الطبخ وتسخين المياه في ظلّ غلاء أسعار الغاز.
وعن أضرار قطع الأشجار العشوائي في لبنان، يحدّثنا المتخصّص في الموارد الطبيعيّة المهندس فارس ناصيف فيقول لـ”هنا لبنان”: “إنّ قطع الأشجار في أيّ بلدٍ كان، له منافعه وأضراره، لكنّ الأضرار أكثر بكثيرٍ من المنافع، فالمنفعة الوحيدة هي إن لديك شجرة مهترئة. لكن، عندما تأتي لمنطقةٍ وتبدأ بقطع الأشجار فيجب الأخذ بالاعتبار خطّتَين: الأولى خطّة لإعادة التشجير، لكن نحن من زمن فؤاد شهاب لا نملك هذه الخطّة؛ والخطّة الثانية هي على الصعيد الخاصّ، إذ يجب أن يكون لدى المواطنين الوعي الكافي الذي تعمل عليه وزارة الزراعة والبيئة والأهل والمدارس وشاشات التلفاز أنّ هناك أشجار ينفع قطعها وأخرى لا. والأشجار التي يمكنك قطعها هي من النوع الذي ينمو بسرعة، فعندما تُقطع تنمو مرّةً ثانيةً بسرعة، وهذا النوع لا ينطبق على أشجار السنديان والصنوبر والأرز…”.
ويضيف: “إلى ذلك، فقطع الأشجار يسبّب الكثير من الأضرار على الثروة الحيوانيّة وبالأخصّ على العصافير، كما أنّه يلوّث الهواء؛ فالأشجار تسحب الكثير من الغازات السامّة مثل النيتروجين وثاني أوكسيد الكربون، وهي تنقّي الهواء أيضاً من الغبار.
لذلك نرى في بعض البلدان، أنّ بين كلّ مدينةٍ وأخرى حرج من الأشجار يقلّل من الغبائر ومن الأصوات المرتفعة”.
علماً بأنّ القانون اللبناني، وضع أحكاماً منظّمةً ومعاقبةً لاستثمار أو قطع الأشجار والمحافظة عليها إن كانت تابعةً للغابات والأحراج العموميّة أو الخاصّة، في قانون الغابات، وهذه أهمّ موادّه:
في ما خصّ الجهة التي يناط بها إدارة الغابات والأحراج والحفاظ عليها:
المادّة 6: “إنّ دائرة الغابات في الدولة مكلّفة تأمين تطبيق نظام الغابات على الأراضي الخاضعة له والقيام بدرس وتنفيذ أعمال حماية الغابات أو إحيائها في جميع الأراضي الأخرى”.
المادّة 7: “يؤلّف مأمورو دائرة الغابات الفنيّون في الدولة من مفتّشين ومأمورين فنيّين ونواطير غاباتٍ يعيّنون بناءً على اقتراح إدارة الغابات ويكون عددهم كافياً لتأمين تنفيذ الأوامر والأنظمة المتعلّقة بالغابات في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لها”.
في ما خصّ الحقوق التي يمكن ترتيبها على الغابات والأحراج:
المادّة 50: “لا تطبّق حقوق الانتفاع التي يمكن الاعتراف بها وفقاً للمادّة السابقة الأعلى على الأشياء التالية:
أ) جمع الحطب اليابس والحاصلات الزهيدة.
ب) تقديم الحطب اللازم لاحتياج كلّ بيتٍ من بيوت القرية.
ج) تقديم الخشب المعدّ لصنع آلات الزراعة أو لتشييد المساكن أو إصلاحها.
د) استعمال حقّ مرعى القطعان إلّا إذا كان هناك منع صادر من الحكومات المحليّة لصالح التحريج”…
– المادّة 58: “فيما عدا جمع الحطب اليابس الواقع على الأرض أو الذي تصل إليه الأيدي ويجمع بدون استعمال المنجل أو المنشار أو الفرّاعة أو الآلات الأخرى وجمع البلّوط الواقع بصورةٍ طبيعيّة، يخضع حقّ الانتفاع لإعطاء رخصةٍ خاصّةٍ من إدارة الغابات”.
– في ما خصّ الأفعال المخالفة والعقوبات المترتّبة على خرق قانون الغابات:
– المادّة 79: “إنّ الاستثمارات غير القانونيّة في الأراضي المنحدرة والرعي بعد الاستثمار أو القطع أو الحريق التي تؤدّي إلى تخريب قسمٍ من الغابة أو إلى تخريبها بكاملها أو التي تكون خطراً على بقاء الأتربة في المنحدرات أو على حماية الأرض من القرض، تعتبر ككسرٍ للأرض ويعاقب الذين أمروا بإجرائها أو سمحوا بها أو أجروها بغير حقٍّ بالعقوبات المنصوص عليها في المادّة 81 التالية”.
– المادّة 81: “في حالة مخالفة المادّتَين 76و79 السابقتَين يجب أن يحكم على كلّ من أجرى أوامر بإجراء كسرٍ غير قانونيٍّ على أرضٍ له بغرامة … عن كلّ هكتارٍ مكسور، ويجب عليه عدا ذلك إعادة الأراضي المكسورة إلى حالتها الحرجيّة إذا فرض عليه ذلك في الحكم بناءً على طلب الإدارة في مهلةٍ لا تتجاوز الثلاث سنوات، وإذا كرّرت المخالفة فيطبّق دائماً أقصى الغرامة ويجوز عدا ذلك أن يحكم بالسجن من يومَين إلى ثلاثين يوماً، وإذا لم يقم الملّاك بالتحريج في المهلة المفروضة فتقوم به دائرة الغابات على نفقته ويلاحق تحصيل مصاريف هذه الأعمال ضمن الشروط المنصوص عليها في المادّة 147 من هذا القرار”.
– في ما خصّ استثمار الأحراج الخاصّة:
– المادّة 82: “كلّ فردٍ يريد أن يستثمر بطريقة قطع الأحراج مهما كان نوعها ومهما كانت حاصلاتها، عليه أن يقدّم قبل شهرَين تصريحاً كتابيّاً بذلك إلى إدارة الغابات”…
ولكن، في غياب الدولة في أكثر من مجال، ووسط تعطّل الإدارات والمرافق العامّة، يصول الحطّابون ويجولون دونما رقيبٍ أو حسيب، والضحيّة الأكبر هي البيئة الطبيعيّة الخضراء في لبنان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |