السيّد يذكّر عون بـ “أفضاله الانتخابية” على “التيار”
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
لا تبدو أحوال فريق الممانعة وهو اسم آخر لفريق 8 آذار، على ما يسرّ قائده، أي “حزب الله.” وقد لا تكون هذه الأحوال مأزومة على مستوى العنوان العريض الذي التقى عنده هذا الفريق عام 2005، وهو الولاء لسلاح الحزب، وهو أمر يسلّم به أطراف هذا الفريق على الدوام. لكن هذا التلاقي عند هذا العنوان يقابله افتراق عند عناوين قد تبدو ثانوية في الظاهر، لكنها صارت جوهرية خصوصاً في المرحلة الراهنة.
ومن هذا الكلام العام إلى الكلام الخاص. ووفقاً لمعلومات من أوساط قريبة من “حزب الله” أن الأخير، وبقرار من أمينه العام السيد حسن نصر الله، كلف لجنة رباعية كي تنصرف إلى ترتيب بيت الفريق الموالي له، لمواكبة استحقاق الانتخابات الرئاسية. وما استدعى تشكيل هذه اللجنة، إن المواجهات في صفوف 8 آذار عموماً، وبين “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة” خصوصاً، ينذر بتصدّعات تهدد موقع نصر الله نفسه لجهة قيادة سفينة الفريق. ومن أبرز هذه التصدّعات ظهور الخلافات بين زعيمي التيارين الحليفين للحزب النائب جبران باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية إلى العلن بصورة غير مسبوقة. ولفتت هذه الأوساط، إلى أن نصر الله أدرك أنّ “النصائح” لم تعد تكفي لرأب هذه التصدّعات، بل باتت تتطلب مقاربات جديدة. فما هي هذه المقاربات؟
بحسب الأوساط نفسها، أدرك زعيم الحزب وفقاً لما توافر بين يدي معاونيه، أن النائب باسيل، بدفع كامل من مؤسس “التيار” الرئيس ميشال عون، يعمل على أساس أن هناك فرصة متاحة كي يكون وريثه الرئيس المقبل للجمهورية. ومن ضمن هذه الخلفية، فتح باسيل معركة مكشوفة ضد منافسه في 8 آذار فرنجية، وهو ما قام به بوتيرة عالية في الأيام الماضية، ما أحرج قيادة “حزب الله” التي ما زال خيارها الأول رئاسياً هو زعيم “المردة”.
في اعتقاد هذه الأوساط، أن الخلافات المحتدمة بين ميرنا الشالوحي وبنشعي، ما كانت لتسبب إحراجاً لحارة حريك، لو بقيت في الغرف المغلقة. لكن، قرار باسيل فتح الأبواب المغلقة دفع نصر الله إلى التحرّك عاجلاً لإيصال رسالة إلى “التيار” مؤسساً ورئيساً على السواء، أي الرئيس عون وباسيل. وفي هذا الإطار جرى ترتيب لقاءات مع عدد من النواب الذين فازوا في الانتخابات النيابية الأخيرة على لوائح التيار بدعم من الحزب وحلفائه الآخرين، للتأكيد على أنه لولا هذا الدعم لتقلص حجم “التيار” إلى 11 نائباً فقط. وتمت هذه اللقاءات بعيداً عن الأضواء وكانت الدفعة الأولى 3 نواب، أكدوا أنهم منسجمون مع الحزب وليس مع باسيل في المعركة الرئاسية. وهناك النائب سليم عون الذي فاز بأصوات الحزب في زحلة، فقد جرى استثناؤه نظراً لخصوصية علاقاته العائلية مع مؤسس التيار.
وفي سياق متصل، برز إلى الواجهة قبل أيام التباين ما بين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وبين باسيل على خلفية وصف الأخير اجتماع اللجان المشتركة الأخير المخصص لدراسة مشروع الكابيتال كونترول بـ “المهزلة” وهو وصف رفضه بو صعب علانية. وكان يفترض أَنّ بو صعب، وهو عضو في تكتل “التيار” النيابي، أن يكون منسجماً مع رئيس تكتله، لكن هذه الواقعة كشفت عن أن بو صعب يمضي على الطريق الذي سلكه سابقاً في نيابة رئاسة مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي غادر “التيار” بعد الانتخابات النيابية عام 2018، وصار ضمن فريق رئيس مجلس النواب نبيه بري. والأمر ذاته مرشح للتكرار الآن مع نائب رئيس مجلس النواب الحالي.
ومن المتوقع وبحسب المعلومات، أن تظهر معطيات جديدة حول وضعية نواب في “التيار”، في إطار رسالة نصر الله ومفادها أنه لولا “أفضال” الأخير لكانت الهوة بين الفريق الأول مسيحياً ألا وهو “القوات اللبنانية” وبين الفريق التالي أي “التيار الوطني الحر” واسعة، ما يفقد الأخير الحجة حول وزنه المسيحي كما يفاخر على الدوام.
تتندر إحدى الشخصيات الموالية لـ 8 آذار، أن باسيل الذي ينزع إلى شخصنة الشؤون العامة، يخالطه الوهم حالياً، وكأنه سيكون الرئيس الرابع عشر للجمهورية إلى درجة أنه يأمل أن يكون “الرئيس لويس الرابع عشر”. وفي ذلك، يخالط باسيل الوهم بتماثله مع لويس الرابع عشر. والأخير معروف أيضًا باسم “لويس العظيم أو ملك الشمس”، وكان ملكًا لفرنسا منذ 14 أيار 1643 حتى وفاته في عام 1715. كانت فترة حكمه البالغة 72 عامًا و110 أيام هي أطول فترة مسجلة لأي ملك لدولة مستقلة في التاريخ. تضيف هذه الشخصية، أن واقع الحال، هو مطابقة باسيل للويس السادس عشر الذي لقيَ حتفه في 21 كانون الثاني عام 1793، وهو آخر ملوك فرنسا قبل سقوط الملكية أبان الثورة الفرنسية. وأُطلق عليه اسم المواطن لويس كابيه في الشهور الأربع التي سبقت إعدامه بالمقصلة.
يقول كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه: في المرة الأولى تراجيديا وفي الثانية مهزلة. نحن الآن أمام المرة الثانية من التيار العوني. وهي مهزلة فعلاً أن يلجأ نصر الله إلى تذكير الرئيس عون ووريثه قائلاً: “اذكروا نعمتي عليكما ولا تنسوها!”
مواضيع مماثلة للكاتب:
سلاح “الحزب”: من إيران وإلى إيران يعود | فعلها قاليباف مجدداً فهل سيردّ بري؟ | وداعاً “حزب” إيران |