يوم بيار… وأيّام الوطن
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
قدرنا أن نستذكر الشهداء في كلّ شهر، وما أكثرهم! الأصدقاء باتوا شهداء. وها هي صورة بيار الجميّل تحضر اليوم، مبتسماً، ضاحكاً، مليئاً بالحياة التي لم تتّسع له، ومناضلاً من أجل لبنان الذي يحلم به.
كم من شهيدٍ سقط من أجل لبنان! وها نحن نسقط بعد، نزداد انقساماً، ويبتعد لبنان الحلم أكثر ممّا يقترب.
في ذكرى بشير، نسأل في كلّ عام: ماذا لو بقي بشير حيّاً؟ وفي ذكرى بيار نطرح السؤال نفسه، فالرجل كان مسيحيّاً وحدويّاً، جريئاً حتى الموت، وقد عرفته عن قرب، وأدركت كم كان طموحه كبيراً، ولذلك سقط شهيداً.
وفي هذا اليوم، أستذكر جلساتنا، وكم زرع فينا أملاً حين يئسنا، ومنحنا قوّةً حين ضعفنا، فكان قياديّاً في سلوكه، ومقداماً، هو المنتمي إلى عائلة قدّمت كبير الشهداء، وقد كان قدوةً له، حتى في استشهاده.
أستذكر بيار، وما نفع الكلمات التي أكتبها، ما دام القلب مجروحاً، تماماً كقلب باتريسيا الصامتة الصامدة، على الرغم من قسوة الغياب، تربّي ولدَيك كما أردتهما أن يكونا.
نحن لسنا بخير يا بيار. والوطن ليس بخير. من قتلك لم يُحاسَب. من قتل رفاقك في “ثورة الأرز” لم يُحاسَب. ومن خاضوا هذه الثورة تفرّقوا، وتخاصموا. لو كنت حيّاً لما حصل ذلك كلّه. لو كنت حيّاً لواجهت وجمعت ووحّدت. لو، لو، كم نقولها منذ غبت!
أشتاق إليك يا صديقي بيار. أراك اليوم جالساً مع ميشال مكتف، الذي استعجل الرحيل لملاقاتك. ولكن، هل تضحكان من فوق، كما كنتما تفعلان دوماً، أم تبكيان على وطن ناضلتما ليكون سيّداً، حرّاً، مستقلّاً، فخابت آمالكما وخبنا؟
“نحنا مكفيين يا بيار”، كما أراد بشير وكما أردت أنت، إلى أن نلقاك يوماً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
35 عاماً… فهل نعطي رينيه معوض حقّه؟ | ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… |