“التحلل المؤسساتي” في لبنان: مخاطر مقبلة!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
مفهوم السيادة والإستقلال غير قابل للتجزئة، ولا يصح التعامل معه باستنسابيّة، لا بل إن التساهل الجماعي في مقاربة شؤونه المختلفة بطريقة ملتبسة، إذا صح التعبير، يؤدي إلى “إستسهال” إنتهاكه من أطراف الداخل والخارج على حد سواء.
ولكن، بقدر ما تصلح هذه المبادىء السياسيّة العامة على المستوى النظري، بقدر ما ترتطم بوقائع ميدانيّة على الأرض مغايرة للمقاربة العلميّة تفرضها موازين القوى السائدة في اللحظة السياسيّة، خصوصاً في البلدان الصغيرة التي غالباً ما تكون ضحيّة ضعف أنظمتها السياسيّة بفعل شرذمتها وإنقساماتها المحليّة، من جهة؛ وضحيّة اللاعبين الإقليميين المحيطين بها والمؤثرين بشكل كبير في مجريات أحداثها، من جهة ثانية.
هذا الكلام مناسبته، مرة جديدة، حلول ذكرى الإستقلال اللبناني في ذروة “التحلل المؤسساتي” والإنهيار شبه التام لمختلف مقومات الدولة الحديثة. بإستثناء إتفاقيّة ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة التي أتاحت ولادتها لحظة دوليّة واقليميّة مؤاتية شهدت تقاطعات سياسيّة مثيرة للريبة والشكوك؛ ليس هناك ما يُسجّل على المستوى المحلي سوى المزيد من الإخفاقات والإنكسارات.
إذا كانت فكرة الإستقلال الناجز غير المنقوص الذي لا يُمسّ غير متوفرة إلا في كتب العلوم السياسيّة في الجامعات؛ إلا أن ثمّة مسارات إنهزاميّة يعيشها لبنان لا يمكن السماح باستمرارها لأنها بكل بساطة تؤدي إلى المزيد من “التهشيم” لكل مرتكزات الدولة الحديثة ليس أقلها إنتهاك الدستور وعدم تطبيق القوانين وفرض الأعراف السياسيّة التي تتناقض بالكامل مع مشروع الدولة ومتطلباتها السياسيّة والمؤسساتيّة والقانونيّة.
إن “الإلتفاف” حول فكرة الإستقلال اللبناني تكون بالدرجة الأولى من خلال الإمتناع عن فرض الشروط والشروط المقابلة في إدارة العمليّة السياسيّة، وبالسعي الحثيث لتطوير الديمقراطيّة اللبنانيّة المتعثرة التي تعاني، قبل كل شيء، من اللوثة الطائفيّة والمذهبيّة التي باتت تعشش في كل مفاصل الحياة السياسيّة والاجتماعيّة.
لبنان يحتاج الكثير ليعزز مساراته على طريق الإستقلال “الناجز”، ولكنه يحتاج- بالدرجة الأولى- إلى ممارسات سياسيّة تتسم بالأخلاق قبل كل شيء. نعم، إن “إنتظام” العمل السياسي اللبناني في أطر أخلاقيّة تتيح له الخروج من دوامات الفشل التي تلاحقه منذ الإستقلال ولعنات الإنهيار التي باتت تمس مرتكزاته الأساسيّة.
كل عيد إستقلال وأنتم بخير!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |