رئاسة مخطوفة ومرتهنة
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
منذ عهد بشارة الخوري وحتى انتهاء عهد أمين الجميل لم يشهد لبنان أي شغور رئاسي ولم تلجأ أي جهة سياسية أو فريق سياسي إلى تعطيل انعقاد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية عن طريق إفقاد الجلسات لنصاب الثلثين.
في العام ١٩٨٨ وعندما انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل تضافرت أسباب عدة منعت انتخاب رئيس للجمهورية، فقد تلاقت العديد من المصالح السياسية المحلية والإقليمية وفي مقدمها المصلحة السورية ومصلحة العماد ميشال عون على عدم إجراء انتخابات رئاسية والعمل على إضعاف الساحة المسيحية من خلال الدفع لزجها بحربي التحرير والإلغاء بغية إضعافها وإسقاطها وفرض الحل المناسب عليها فكان اتفاق الطائف وما تبعه من تعنت أسقط المنطقة الحرة تحت الوصاية السورية ومنع تطبيقاً سليماً لهذا الاتفاق وتجسد أول خرق فيه بعدم تنفيذ القوات السورية لبند إعادة الانتشار.
مع بدء تلزيم لبنان للوصاية السورية بدأ التلاعب بانتخابات رئاسة الجمهورية وموقع الرئاسة وكانت البداية باغتيال الرئيس رينيه معوض، ثم كان تمديد لولاية الرئيس الياس الهراوي وتبعه تمديد لولاية الرئيس أميل لحود.
خرج السوريون ولكن تلاعبهم بانتخابات رئاسة الجمهورية وموقع الرئاسة استمر من خلال حلفائهم ولا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر، فكان الشغور بعد انتهاء ولاية الرئيس لحود، وفرضوا على اللبنانيين حلاً بالقوة أوصل إلى تفاهم الدوحة فتخلوا عن العماد ميشال عون في موقع الرئاسة وقبلوا على مضض بالعماد ميشال سليمان مقابل الإمساك بالحكومة من خلال ما يعرف بالثلث المعطل.
إنتهى عهد العماد سليمان بالشغور أيضاً لأن المراد كان السيطرة التامة على موقع الرئاسة فلم يعد مسموحاً أن يثير أي رئيس مسألة الاستراتيجية الدفاعية والنأي بالنفس، ولذلك صمموا على فرض العماد ميشال عون رئيساً بعدما وعد بعدم مقاربة أي موضوع يمت بصلة لسلاح حزب الله واستمر الشغور لسنتين ونصف السنة إلى أن تمكنوا من فرض عون رئيساً.
هذه الممارسة الشاذة بتعطيل جلسات الانتخاب من خلال إفقادها لنصاب الثلثين هي سياسة أساسية في ممارسات هذا الفريق للإستمرار بسيطرته على البلاد والعباد وهو لن يبدل بهذه السياسة ولن يكتفي بالثلث المعطل في الحكومات بل إن هذا الفريق يريد هذه المرة أيضاً أن لا يكون في ميدان الترشيح لرئاسة الجمهورية سوى مرشحه وأن يصبح تلقائياً رئيساً منتخبا بالشكل ولكنه بالفعل رئيس تم فرضه بالقوة.
هكذا أصبحت حال رئاسة الجمهورية في لبنان مخطوفة ومرتهنة، الأقوى يفرض رئيساً على كل اللبنانيين بتوقيته هو لا بموجب المهل الدستورية، لا يسأل عن التداعيات المحلية والإقليمية والدولية ولا يهتم لما يمكن أن يلحق بالمواطن والوطن من أضرار.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |