العلاج بالموسيقى: وسيلة تعبيرية تعزز الصحة النفسية والجسدية عن طريق فنونها المختلفة
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
الكلام لغة العقل والموسيقى لغة الشعور هكذا يرى شوبنهاور، وكم هو حجم المعاناة لدى عقول ومشاعر اللبنانيين مما آلت إليه أوضاعهم الإقتصادية والمالية والمعيشية، لتبرز الموسيقى كوسيلة علاج عقلي وحسي وحركي منذ العام 2006 على يد الدكتورة حمدة فرحات من خلال تأسيسها الجمعية اللبنانية للعلاج بالموسيقى التي أفادت الكثير من اللبنانيين واللبنانيات في الكثير من الأزمات خصوصاً من تضرر بشكل مباشر أو غير مباشر من إنفجار المرفأ، وأزمة كورونا وأخيراً أزمة الكوليرا .
ويقال إنّ الموسيقي تعتبر لغة عالمية بما تحمله من صفات أساسية مشتركة في مادتها النغمية والإيقاعية وفي أدواتها وآلاتها المستعملة في جميع أنحاء العالم، وكذلك لقدرتها الفائقة على التعبير عن الإنفعالات والأحاسيس والمشاعر، التي يشترك فيها كل البشر منذ آلاف السنين.
وحول أبرز ما يساهم فيه العلاج بالموسيقى على مستوى الأطفال والمراهقين في لبنان، توضح فرحات وهي أستاذة علم النفس العيادي والمرضي في الجامعة اللبنانية ومشرفة في الدراسات العليا ومنسقة التدريب الميداني في حديث لـ “هنا لبنان”: “ثمة الكثير من المجالات التي يدخل فيها العلاج بالموسيقى: المجال الطبي، وفي إعادة التأهيل، وفي تطوير الأداء المدرسي وصعوبات التعلم، والعلاجات النفسية للإضطرابات الذهانية والعصبية، بفضل الذبذبات وتأثيرها على الدماغ، وبالتالي تأثيرها على كل الصحة النفسية”. لافتة إلى إعتماد الجمعية الموسيقى كعلاج مع الأشخاص الجرحى أو الذين تعرضوا لصدمات جراء إنفجار المرفأ، وكذلك مع مصابي فيروس كورونا والكوليرا، حيث نعتمد التفريغ والتعبير والتلطيف للحالة النفسية للشخص، وكل ذلك يتم عبر جلسات متلاحقة، فمن الناحية الصحية تعزز أساليبنا الجهاز المناعي العصبي عبر رفع الهرمونات التي نركز عليها ونحسن الصحة النفسية، وهذا ما ينعكس على الجهاز العصبي المناعي، وبالتالي على الجهاز المناعي بشكل عام، ويسرع من عملية الشفاء، بالإضافة إلى الدعم النفسي الذي تحققه وفق تعبيرها.
وتتابع أن الموسيقى من الناحية الإجتماعية تحسن من الإتصال، وتفتح قنوات التواصل بين الناس، خصوصاً عندما تتوقف الكلمة عن التعبير، فيما صحياً تحفز الغدد على إفراز الهرمونات والخلايا العصبية وتطور الجهاز العصبي المركزي والطرفي، وتجعله أكثر فعالية وتساعده على فرز الهرمونات المناسبة وتحسن الحالة النفسية عند الاطفال والمراهقين. مضيفة بأن الموسيقى بشكل عام تحرر الأندورفينات وتحث الغدد على إفراز الهرمونات المناسبة للحالة التي تكون قيد المعالجة. وهذه الهرمونات مهمة جداً كي يحصل توازن في نمو الإنسان، وفي الحياة النفسية والجسدية.
ومن خلال عملها كمعالجة نفسية ومعالجة بالموسيقى، وكرئيسة للجمعية عملت مع شريكيها المؤسسين الدكتور انطوان الشرتوني، والجنرال ايليا فرنسيس (شقيق الفنان وديع الصافي) على دعم وتطوير المجتمع اللبناني، فشمل نشاطها الكثير من المنظمات والمدارس، “حققنا الكثير من النتائج الإيجابية، ومن بين فريق العمل من إعتمد “موسيقى موزار” في تحسين الأداء عند طلاب التمريض في إحدى المهنيات وكانت النتائج جيدة، وأيضاً إعتمدنا على الموسيقى والغناء لتحسين القدرات العقلية والحركية وكذلك في علاج الإفراط الحركي ونقص الانتباه والاندفاعية”.
واللافت أن الجمعية تعتمد التنوع في نشاطاتها، فهي أجرت ولا تزال الكثير من الدراسات والأبحاث والتجارب منذ العام 2012 ، وهنا تؤكد فرحات “حققنا نتائج باهرة دفعت بالكثير من مدراء المدارس إلى التعاون معنا، حيث نعالج العديد من الأطفال والمراهقين بالموسيقى، وخصوصاً من لديه تأخر في العلامات والإنتاجية، وعمل على تحسين العلاقة بينهم وبين الأساتذة ومع أهاليهم.
وإنتقالاً إلى تحسين التكامل العاطفي والاجتماعي، فهو يشكل أحد أهم النواحي العملية للجمعية، إذ تنطلق من إعتبار أن الموسيقى تعمل على كل أنحاء الدماغ بنصفيه الأيمن الأيسر، والذكاء العاطفي عبر الألحان الموسيقية والنغمات وجمالية الموسيقى، وعلى المعرفة مثل المنطق والرياضيات واللغة، وتجعل الدماغ في أفضل أداء ممكن، ومن هنا تنصح فرحات الصغار والمراهقين بتعلم الموسيقى كالبيانو لأنه يدفع إلى تنشيط النصفين المذكورين.
ونظراً لما بات يتطلبه الوضع الصحي والنفسي لشريحة من اللبنانيين واللبنانيات، باشرت فرحات اليوم بإستعمال الأغاني والمقطوعات الموسيقية بشكل أشمل، وتعمل هي وأيفار فرحات على تأليف المقطوعات الموسيقية العلاجية والتربوية التعليمية ضمن بحث موسيقي علمي متكامل لمشروع السيدة هدى مكارم بإشراف الجامعة الأميركية في بيروت.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |