العام الدراسي متعثّر وروابط التعليم الرسمي تتوعّد
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
رغم مخاوف من إمكانية عدم إكماله، انطلق العام الدراسي في المدارس الرسمية، بأساتذة منهكين ومفلسين، أحياناً يصلون وأحياناً أخرى لايصلون إلى مدارسهم، وتلاميذ جائعون يصطحبون معهم كل التحديات المحيطة بالقطاع التربوي، ومدارس غير مؤهلة تفتقر للكهرباء والتدفئة وتعجز عن تأمين الحدّ الأدنى من المستلزمات التي تضمن استمراريتها. ليبرز سؤال وحيد أثقل كاهل الطلاب والمعلّمين والأهالي: هل بإمكان قطاع التعليم الرسمي الهشّ في الأساس أن يصمد في ظلّ الضغوطات والأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان وهل يمرّ العام الدراسي في المدارس الرسمية بسلام؟
شهران ونصف الشهر على انطلاق العام الدراسي الرسمي، دون تحقيق أيّ من الوعود المقطوعة للأساتذة، لا مضاعفة رواتب والحوافز الاجتماعية (130 دولاراً) لا تلوح في الأفق بالإضافة إلى عدم صرف بدلات النقل عن عام 2022 بأكمله. فأي عام دراسي ينتظر المدارس الرسمية إذا كان أهمّ عنصر في العملية التعليمية أي المعلّم، ضعيف ومنهك بسبب الراتب الهزيل الذي يتقاضاه.
أكثر من 40% من الأساتذة وبسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان تركوا قطاع التعليم، منهم من اتجه نحو مهنة أخرى ومنهم من ترك البلد وهاجر بحثاً عن مستقبل أفضل، ومن بقي في القطاع يهدّد من حين إلى آخر بالتوقف عن التعليم لأن راتبهم لا يخولهم الوصول إلى المدرسة.
أما بالنسبة للتلاميذ فهم في مهب تهديدات أساتذتهم من جهة وغلاء الأسعار من جهة أخرى، أوضاع أولياء أمورهم في الحضيض، قدرتهم الشرائية تدهورت حتى باتوا عاجزين عن تأمين قوت أبنائهم اليومي، ناهيك عن صعوبة تغطية تكاليف نقلهم إلى المدارس.
هذا بالنسبة للواقع الاقتصادي والمادي، أما بالنسبة للواقع التعليمي فلا بد من السؤال عن جودة التعليم في المدارس الرسمية مقارنة مع الأعوام الماضية، وعن المخرجات التعليمية التي تنتظرها البلاد في ظلّ غياب أي خطّة حقيقيّة للدولة.
“هنا لبنان” يحاول تسليط الضوء على واقع قطاع التعليم الرسمي في ظلّ انهيار اقتصادي شامل جرّد الأستاذ والتلاميذ والمدرسة من أدنى مقوّمات الاستمرار.
رئيسة رابطة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز تؤكد أن بداية العام الدراسي كانت على وقع تحركات وجولات متواصلة على المسؤولين، إذ تمحورت على موضوع واحد هو تصحيح الرواتب، إلا أن الدولة أقرت في جلسة الموازنة منح مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام، وهي عبار ة عن ثلاثة أضعاف الراتب الشهري، كبديل عن تصحيح الرواتب.
وتتابع: “ولكن الدولة اللبنانية أعطتنا المتوفر لديها دون أن تستجيب لمطالبنا الفعلية”، مشددة على ضرورة منح الأساتذة جميع مستحقاتهم، والمتمثلة بانتظام دفع الرواتب الجديدة ودفع بدل النقل ودفع الحوافز المقدّمة من الجهات المانحة، وإلا سيكون لرابطة أساتذة التعليم االثانوي خطوات تصعيدية”.
وتقول محرز: “إن بقيت الصورة ضبابية لدى الدولة اللّبنانية، فعندها عليهم تحمل تداعيات تصرفاتهم معنا”، مشيرة إلى أنه “كان من المفترض أن يحصلوا على حوافز منها الـ130 دولاراً لكل أستاذ مقدّمة من البنك الدولي إلا أنها حتى اليوم لم تدخل حيز التنفيذ”.
أمّا بالنسبة لرواتب الأساتذة الذين لم تصحح بعد، ومطالبتهم بتصحيحها، فتلفت محرز إلى أن “الرئيس السابق ميشال عون قبل انتهاء عهده لم يوقع على الموازنة التي تحمل اقتراح رفع رواتب القطاع العام ثلاثة أضعاف، لذا يجب أن تكون الموازنة نافذة خلال شهر كانون الأول وأن يتقاضى أساتذة التعليم الرسمي رواتبهم بحسب الموازنة الجديدة”.
وعن إمكانية تعطيل العام الدراسي في حال لم تستجب الدولة لمطالبهم، تقول: “معركتنا معركة حقوق، عدنا إلى التعليم على أساس الوعود التي أعطيت لنا، ولكن لم يتحقق أي مطلب من مطالبنا حتى الآن، فلا الموازنة وُقّعت ولا دفع لنا بدل النقل ولا قدّمت لنا 130 دولاراً، لذا في حال لم ينفذ أي من هذه الأمور فسيكون لدينا احتجاجات وخطوات تصعيدية قريباً”.
ووفقاً لمصدر خاص من حراك المتعاقدين الثانويين يقول أن المدرسة الرسمية هذا العام تعاني انتكاسة كبيرة والتعليم الرسمي وضعه مزرٍ، محملًا المسؤولية للروابط والدولة.
ورغم تأكيده على أحقية مطالب أساتذة الروابط، إلا أنه يرى أن عليهم التنازل قليلًا “كي يمرّ العام الدراسي بالشكل الصحيح، قائلاً: “لا يجوز أن يبقى مصير التلاميذ رهن إضراباتهم”.
وفي الموازاة يصف المصدر وضع الأساتذة المتعاقدين بالكارثي، فهم لا يستطيعون الصمود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، خصوصاً وأنهم لا يتقاضون راتباً شهرياً ولا بدل نقل”.
ويختم المصدر: “تأخر المعالجات الحكومية وخطط النهوض الاقتصادي ينذر بأوضاع أشد سوءاً مقبلة على البلاد، ما قد يدفع أساتذة التعليم الرسمي إلى الإضراب خصوصاً وإن لم تستجب الدولة لمطالبهم، الأمر الذي يهدّد العام الدراسي ويوقفه”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |