الابتزاز السياسي وتوزيع “الفيتوات”!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
على الرغم من انشغال معظم صحافة محور الممانعة (صفراء كانت أم غير صفراء) وعدد من “كبار” المحللين “الاستراتيجيين” الذين لا يغادرون شاشات التلفزة، في تفنيد العلاقة “التاريخيّة” بين مكونين لبنانيين (أي حزب الله والتيار الوطني الحر)؛ إلا أن الغالبيّة الساحقة من اللبنانيين لا تكترث حقاً لسجالاتهما التي ليست الأولى من نوعها وأغلب الظن أنها لن تكون الأخيرة.
لقد اعتاد الطرفان على تبادل هذا النوع من المناكفات المنضبطة تحت سقف التحالف الثنائي الذي حقق لكل منهما مصالحهما المباشرة (طبعاً توضع المبادئ جانباً في هذا النوع من التحالفات المصلحيّة التي يُراد منها النفاذ نحو نيل القدر الأكبر من المكتسبات الظرفيّة حتى ولو كان على حساب المصلحة العامة).
المهم الآن ليس الغوص في مدى قابليّة ورقة مار مخايل للعيش المستدام على ضوء التصدعات الكبيرة التي أصابتها وهي التي صمدت منذ العام ٢٠٠٦؛ بل المهم البحث في ما توفره هذه الورقة من إمكانيّات للفريقين لاستثمارها في الواقع الداخلي وتحويل مجرياته بما يتقاطع مع مصالحهما المباشرة. المشكلة تقع فقط عندما لا تتقاطع المصالح بينهما فترفع السقوف لتعود وتنضبط في إطار الاستفادة “الميكيافيليّة” المباشرة لهما.
الافتراق الراهن في ملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة هو أحد الأمثلة الأكثر سطوعاً على ذلك. لم تكن هذه المسألة مطروحة في العام ٢٠١٦. جاء ترشيح العماد ميشال عون وتعطيل انتخاب بديل عنه لمدة عامين ونصف بمثابة تتويج للمكتسبات المحققة من الورقة إياها.
هل كان باستطاعة التيار العوني توزيع “الفيتوات” على المرشحين، أي نقبل بهذا ونرفض ذاك، لولا هذه الورقة؟ لا يمكن بطبيعة الحال إنكار الحالة التمثيليّة لهذا المكوّن (وسبب صموده الأساسي هو الديماغوجيّة وذلك له تحليلات أخرى)، ولكن هذه القدرة التمثيليّة كانت ستبقى في أطرها المحدودة لولا التفاهم مع حزب الله.
ثم، من قال أن المعايير التي يضعها التيار إيّاه حول الصفة التمثيليّة للمرشح المفترض للرئاسة هي حقاً الممر الإلزامي لانتخاب الرئيس العتيد. ثمّة رؤساء مروا في تاريخ لبنان المعاصر وكانوا على قدر كبير من الكفاءة رغم عدم انطلاق مسيرتهم من حيثيّة تمثيليّة وشعبيّة واسعة.
واضح أن هذه الاشتراطات السياسيّة تستهدف تكبيل أي رئيس جديد قبل إنطلاق ولايته وإخضاعه لمشيئة التيار ومن خلفه الحزب والمحور، طبعاً في حال خضع الحزب إلى هذا المسار من الابتزاز السياسي الذي لا يتوقف في كل محطة ومنعطف!
“عيش كثير بتشوف كثير!”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |