أرقام تحويلات أموال المغتربين إلى لبنان ارتفعت خاصة مع اشتداد الأزمة… فهل تؤثر على الوضع المالي وسعر الصرف؟
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
أغلب العائلات اللبنانية ودّعت مؤخراً أحد أفرادها في أروقة المطار بغصّة ودمعة. لكن هذا الفراق كان فقط جسدياً، إذ أن المغتربون لم ينسوا يوماً أهلهم لا مادياً ولا معنوياً! فعلياً، تظهر الأرقام ارتفاع حجم الأموال المحوّلة من المغتربين إلى لبنان، بالمقارنة مع السنوات السابقة وفي ذلك دليل على ارتفاع أعداد المهاجرين خاصة في عام ٢٠٢٢. ما هو انعكاس هذه الأموال على المواطنين وعلى الوضع الاقتصادي في لبنان بشكل عام؟
أرقام متزايدة بشكل ملحوظ!
من ٦ مليار و ٤٠٠ مليون دولار في العام 2021 إلى ٦ مليار و٨٤٠ مليون دولار في العام 2022، زاد معدل تحويلات أموال المغتربين إلى الداخل اللبناني، وبلغت هذه الزيادة ٧%. وفي مقارنة مع الدول الناشئة، فقد سجّلت ارتفاعاً بنسبة ٥% وبالتالي حلّ لبنان في المرتبة الأولى. هذه الأموال المتزايدة هي دليل على ارتفاع أعداد اللبنانيين المهاجرين خاصة إلى دول الخليج وأميركا الشمالية وأستراليا وأفريقيا وأوروبا الغربية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التحويلات ليست استثمارات، بل هي دعم للعائلات اللبنانية كي تستطيع الاستمرار وسط الغلاء الشديد ولتلبية مصاريف التعليم والسكن والمأكل والطبابة…
هل تؤثر أموال المغتربين على الأزمة الاقتصادية وعلى سعر سوق صرف الدولار؟
لتوضيح هذا الموضوع أكثر، أجرى موقع “هنا لبنان” مقابلة خاصة مع الخبير الاقتصادي نديم السبع، الذي شرح بدوره أسباب ارتفاع نسبة أموال المغتربين المحوّلة إلى لبنان، وطبعاً الوضع الاقتصادي السيئ كان السبب الأساسي، وبالتالي اضطرّ المغتربون للوقوف إلى جانب أسرهم في لبنان، ومساعدتهم على تسديد مدفوعاتهم الشهرية. أما السبب الثاني فهو بطبيعة الحال ارتفاع أعداد اللبنانيين المهاجرين من لبنان. أما السبب الثالث فهو أن المغتربين الذين سافروا إلى دول الخليج ودول أفريقيا، تأثروا إيجاباً بارتفاع أسعار النفط التي كانت منخفضة في السنوات الماضية، ما سمح لهم بتحويل أموال إضافية إلى عائلاتهم في داخل لبنان.
وشرح السبع أن هذه التحويلات على الرغم من أنها ارتفعت في عام ٢٠٢٢ إلا أنها لا تحرّك الاقتصاد اللبناني، لأنه يرتكز على الإنتاج وعلى الصناعة والتجارة والسياحة الجيّدة. وأضاف: “مما لا شك فيه أن أموال المغتربين هي بمثابة حماية اجتماعية للعائلات اللبنانية من الفقر. وبالتالي لا تؤثر على الوضع الاقتصادي في البلد، بل تقتصر على تصريف المبلغ الذي يصل بالدولار إلى الليرة اللبنانية وصرفه على الحاجات الأساسية.
في سياق آخر، شرح السبع عن تأثير ارتفاع أموال المغتربين المحوّلة إلى لبنان على سعر صرف الدولار، وكانت النتيجة أنها ليست عاملاً أساسياً، فحتى أموال المغتربين في لبنان ليست سبباً كافياً لخفض سعر الدولار، بل ممكن أن تكون سبباً لثباته بعض الوقت، وتفادياً لأن لا نشهد أرقاماً جنونية أكثر وأكثر خاصة مع اقتراب الأعياد!
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |