جراثيم وبكتيريا في مياه الشرب: المواطن بين خطر التلوّث وتكلفة العبوات
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
نشرب المياه المكررة من محلات تعبئة المياه دون أن نعرف ما إذا كانت نظيفة أم ملوثة، المهم بالنسبة للكثيرين أنّ سعرها مناسب، فأسعار عبوات المياه المعبأة والمختومة تفوق قدرة المواطن الشرائية ما دفع عائلات كثيرة للجوء إلى بدائل غير صحية.
في ظل غياب الرقابة الحقيقية في لبنان تدق مشكلة تلوث مياه الشرب المعبأة من “محلات بيع المياه بالمفرق” ناقوس الخطر، إذ يضرب التلوث معظمها. وخلال الحملة التي أطلقها محافظ جبل لبنان القاضي محمد المكاوي للتثبت من سلامة مياه الشرب، تبين وجود تلوث جرثومي وبكتيريا في عدد من العينات.
الفوضى والعشوائية المطلقة السائدة في عملية تكرير المياه وتعبئتها جعلت “دكاكين تعبئة المياه” تنتشر في لبنان بلا حسيب ولا رقيب، فهل لا يزال بإمكاننا الوثوق بها وبنوعيتها وصحتها؟
مصدر من وزارة الصناعة أكد لـ “هنا لبنان” أن “الوزارة لن تتهاون في موضوع تنظيم محطات معالجة وتكرير مياه الشفة والخدمة للمنازل لأن الموضوع خطير وله تأثير كبير على صحة المواطن وسلامته”.
ويشير المصدر إلى أن “الفوضى التي تسود القطاع وانتشار المؤسسات العشوائية وغير المرخصة من شأنه إلحاق الضرر بصحة المواطن من جهة وبالمؤسسات النظامية التي تعمل وفق الأنظمة المرعية من جهة أخرى، مشدداً على أن الوزارة تعمل على إعادة درس تنظيم هذا القطاع بما يتوافق مع القوانين، والحد من الانتشار العشوائي لمحطات المياه غير المرخصة”.
من جهتها، تكشف مسؤولة قسم الرقابة وسلامة الغذاء في بلدية الغبيري، عبير الخنسا، وبحسب آخر مسح أجرته البلدية على محلات تعبئة المياه بالمفرق وعددها 48 محلاً، “وجود بكتيريا وجراثيم في المياه، وذلك بعد أن أصدر محافظ جبل لبنان قرارات عدة طالت محلات تعبئة المياه توزعت بين الختم بالشمع الأحمر وعددها ٦٨ ووقف العمل وعددها ١٨ والإنذارات للعمل على تصحيح أوضاع المؤسسات وعددها ٢٦، وتقديم ما يثبت زوال الأسباب التي دعت الى الإجراءات الصارمة وتنفيذ الشروط الصحية المحددة من مصلحة الصحة”.
وتشير الخنسا إلى أن “انتشار هذه المحلات سببه تفاوت القدرة الشرائية لدى المواطنين إذ ليس بمقدور الجميع شراء عبوات المياه المختومة”.
وتؤكد الخنسا أن “هذه المحلات معظمها غير مرخص رغم المحاولات الحثيثة وطلب أصحابها في السابق من وزارة الصناعة بضرورة حصولهم على التراخيص اللازمة، إلا أنهم لم يحصلوا عليها لعدم وجود تصنيف خاص لهذا النوع من المحلات في وزارة الصناعة”.
وتشدد على “ضرورة أن يكون مصدر مياه الشرب المباعة في المحلات هو محطة مياه وأن تكون هذه المحطة مرخصة وتنقل المياه بصهاريج تخضع لمواصفات السلامة العامة، تحت إشراف ومراقبة المسؤولين لضمان بقائها نظيفة وصالحة للشرب، وكذلك الأمر بالنسبة لنقلها داخل المحل حيث من المفترض أن يتم نقلها بطريقة آمنة مع المحافظة على ضرورة تعقيم كل الأدوات التي تدخل في عملية نقل المياه وتجميعها.
وتمنت الخنسا على “المعنيين تنظيم هذا القطاع واعتماد آلية التتبع للكشف على مصادر المياه والتأكد من سلامتها مروراً بعمليات التعبئة والحفظ والتخزين والتوزيع، وفق المعايير الصحية وشروط السلامة العامة”.
علمياً تسبب العديد من ملوثات المياه إصابة الإنسان بأنواع مختلفة من الأمراض وخصوصاً تلك التي تضرب الجهاز الهضمي، إذ يؤكد طبيب الجهاز الهضمي والتنظير د. غسان حمادة أن “تلوث المياه يعتبر سبباً رئيسياً للعديد من الأمراض التي تصيب الإنسان والتي قد تتسبب في وفاته”.
ويلفت إلى أن” مياه الشرب الملوثة والتي يشربها الإنسان مباشرة تعتبر الأشد خطورة على صحته، لتأتي بعدها المياه الملوثة في المسابح والمياه الملوثة التي تروى بها المزروعات والمياه المستخدمة في المطاعم والمرافق الصحية والتي لا تخضع لشروط السلامة العامة”.
ويشير إلى أن “أكثر الأمراض شيوعاً والناتجة عن المياه الملوثة التي يشربها الإنسان هي التيفوئيد والتهاب الكبد الفيروسي نوع A والدوسنتاريا والإصابة ببكتيريا الـ “إي كولاي” وكذلك الإصابة بنوع من الطفيليات تسمى الجيارديا Giardiasis والكوليرا”.
ويوضح حمادة أن “كل هذه الأمراض تشترك بأعراض واضحة في الجهاز الهضمي كالإسهال والتقيؤ والغثيان وقد تظهر أحياناً حرارة أو حمى على المريض مع شعور بالتعب والاعياء، وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الفشل الكلوي وتسمم الدم والتهاب الكبد الحاد الذي قد يؤدي إلى عجز حاد في الكبد. ومن البديهي أن الإصابة قد تحصل بدرجات متفاوتة الشدة والمضاعفات والتي قد تسبب الوفاة أحياناً خصوصاً في حال عدم تشخيصها في الوقت المناسب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |