الرئاسة “المرتهنة” بين “السلة” والدستور!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
يتنامى الحديث في العديد من الأوساط السياسيّة والإعلاميّة عن فكرة “السلّة” التي يمكن التفاهم حولها توازياً مع إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة بهدف الخروج من حالة الشغور القائمة والانطلاق في عهد جديد تتلاحق الخطوات “الإنقاذيّة” و”الإصلاحيّة” بمعنى أنها تكون بمثابة ترجمة لتفاهمات مسبقة.
وتفيد المعلومات أن القوى السياسيّة التي تروّج لهذه الفكرة، أي فكرة “السلة” المتكاملة يغيب عنها جملة من الأمور الأساسيّة التي يُشكّل تجاوزها أو عدم أخذها في الحسبان مشكلة متعددة الأوجه.
إذا كانت هذه المقاربة تنطوي على شيء من البراغماتيّة في مكانٍ معيّن، إلا أنّها تضرب الدستور وأحكامه في مكانٍ آخر، ذلك أن الإتفاق المسبق على إسم رئيس الوزراء وبعض التعيينات في المناصب العليا في الدولة والمؤسسات العسكريّة مثل حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش وسواهما من المواقع الحساسة، إنما يختزل المؤسسات الدستوريّة تماماً ويسحق كل الآليّات المتبعة (حتى ولو كان بعضها شكليّاً في بعض المراحل) التي من المفترض التمسك بها في سياق ثقافة إحترام الدستور.
ثم، أين رأي رئيس الجمهوريّة المقبل في كل ذلك، وهل يجوز أن “تُعلّب” له كل الخطوات الأساسيّة التي يُفترض أن ينطلق بها في مطلع عهده الرئاسي؟ وهل يجوز أن تُفرض عليه شخصيّات معيّنة في مواقع معيّنة دون استشارته؟ وعلى افتراض أن ثمّة تسوية سياسيّة أفضت إلى التفاهم حول شخصيّة ما لتولي المنصب الأرفع في الجمهوريّة، هل تصل هذه الشخصيّة إلى قصر بعبدا وهي “عارية” تماماً من كل صلاحياتها ودورها؟
واستطراداً، هل هذا يعني أن التسوية، وفق هذا المفهوم سوف تأتي بشخصيّة “لا لون لها” ولا رأي لها وأنها ستكون مجرّد شخصيّة تابعة، بشكل مبطن، إلى هذا التيّار أو ذاك؟
صحيحٌ أن لبنان بلد التسويات وأن الأفق السياسي، لا بل الرئاسي تحديداً، بات مقفلاً إلى حد بعيد وهو بات بحاجة لتشغيل محركات الحوار في كل الاتجاهات، ولكن هذا لا يعني القفز فوق الدستور وأحكامه وتكريس ثقافة ضرب القانون الأسمى في الجمهوريّة لتحقيق مصالح فئويّة لهذا الطرف أو ذاك تستبطن الاستحواذ غير المباشر على موقع الرئاسة الأولى بعد أن فقدتها بشكل مباشر.
لا مناص من الحوار للخروج من الأزمة، ولكن من المهم ألا تفضي نتائج ذاك الحوار، إذا تحققت، إلى الانقضاض الكامل على ما تبقى من دستور ومؤسسات!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |