ملف فساد النافعة يتفاعل: خطوة جدية أم إجراءات شكلية لإسكات البنك الدولي؟
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
لا يزال ملف الفساد في النافعة يتفاعل والملاحقات القضائية مستمرة رغم التدخلات السياسية، وفي إطار استكمال التحقيقات في الملف الذي أوقف فيه 43 موظفاً في مركزي الأوزاعي والدكوانة، وعلى رأسهم رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلوم ورئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور، بقرار من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان نازك الخطيب، لتورطهم بقضايا فساد ورشاوى وتزوير رخص قيد، وبعد التكتم الشديد حول مجريات التحقيقات أوقفت الخطيب مؤخراً 9 أطباء بعد الاشتباه بإعطائهم إفادات طبيّة مخالفة للقانون مقابل الحصول على “دفاتر سوق”.
وفي التفاصيل تمت التوقيفات بعد أن اعترف بعض السماسرة خلال التحقيقات بشرائهم إفادات طبية من الأطباء دون أن يعاينوا الأشخاص الذين يريدون الحصول على رخص سوق، بل وأكثر من ذلك تبين أن بعض مكاتب السمسرة كانت تشتري إفادات عليها ختم الطبيب المختص لتقوم بعدها بتعبئة البيانات على “مزاجها”.
“هنا لبنان” حاول الاتصال بنقابة الأطباء إلّا أنّها لم تستجب، وكانت قد أكدت في بيان سابق حرصها على كرامة الأطباء وحقوقهم، كما الحرص، على حقوق المرضى والمواطنين وعلى الأمن الصحي للمجتمع بأكمله.
وشدّدت على ثقتها بالقضاء وهي في هذه القضية خصوصاً، تؤكد أنّها وسائر المنتسبين إليها، تحت سقف القانون. ولكنّها، وفي موازاة ذلك، ستقف إلى جانب الطبيب طالما أن تورّطه في أيّ مخالفة لم يثبت، وستدافع عنه بكلّ الوسائل القانونية المتاحة. كما أنّ النقابة تجري، في إطار القانون، الاتصالات اللازمة إسهاماً منها في جلاء الحقيقة وتسريعاً في الإجراءات القانونية حتى لا يطول توقيف المعنيين نظراً لطبيعة مهماتهم.
فساد النافعة تعاظم مع اشتداد الأزمة ولطالما ذاع صيت هيئة إدارة السير والآليات والمركبات في لبنان بأنّها مكمن من مكامن الفساد المستشري في مختلف القطاعات الرسمية للبلاد، فهل فتح ملف النافعة على مصراعيه في هذا التوقيت إجراء جدّي للتصدي للفساد أم “بروباغندا” إعلامية كي لا يخسر لبنان فرصته مع البنك الدولي؟
النائب السابق د. إسماعيل سكرية يؤكد لموقعنا أن “النافعة كسائر مؤسسات الدولة ينخرها الفساد، ففي لبنان تكثر ملفات الفساد وتقلّ الأحكام القضائية الصادرة بحق المفسدين، نحن نأمل بفتح كلّ ملفات الفساد واستكمال التحقيقات فيها حتى سوق كلّ المتورطين إلى ما وراء القضبان”.
ويتابع: “في ملف النافعة علينا الانتظار قليلاً فإن مرّ الوقت دون أيّ تقدّم إيجابي واتّخاذ إجراءات جدّيّة، فيدفعنا ما سبق عرضه إلى التّأكيد بأن التوقيفات ما هي إلا بروباغندا إعلامية واستعراض من بعض المسؤولين أمام صندوق النقد الدولي لإسكات مطالبه”.
ويشير سكرية إلى أن “الفضائح الكبرى تكون في إغلاق ملفات الفساد وعدم محاسبة المتورطين فيها إلى النهاية، وفي حال حصل ذلك في ملف النافعة فهذا يعني إجهاضاً لمبدأ المساءلة والمحاسبة”.
ولا يخفي أن هناك “عدداً كبيراً من الأطباء كانوا يعتاشون أو يعوضون ضعف عملهم أو يخضعون “للمسايرة”، لقاء حصولهم على مبالغ معينة، وهذه الظاهرة كانت منتشرة كثيراً في أوراق الضمان، حيث أنّ شريحة كبيرة من اللبنانيين كانت تعتاش شهرياً على وصفات طبية وهمية موقعة من أطباء، بالتواطؤ مع بعض الموظفين، وما حدث في النافعة ليس مستغرباً”.
من جهته، يقول عضو المرصد الشعبي لمحاربة الفساد المحامي علي عباس، “من المعروف أنّ مغارة النافعة ينخرها الفساد، وأعداد المتورطين بقبض رشى وتزوير دفاتر سواقة وتسجيل سيارات ودراجات نارية كبير جداً”.
ويتابع: “بعد الكشف عن تورط أطباء ومخاتير في ملف النافعة يمكننا الكشف عن ملفات فساد أخرى في مؤسسات الدولة، هذا في حال سلكت التحقيقات مجراها الصحيح”.
ويردف عباس: “ندرك منذ البداية صعوبة الحرب التي نخوضها ضد الفساد في لبنان، قدمنا شكاوى عدة للتفتيش المركزي وللقضاء عن الفساد المستشري في النافعة وبأنّ رئيس مصلحة تسجيل السيارات أيمن عبد الغفور تمّ تعيينه بطريقة غير قانونية، كما تقدّمنا إلى مجلس شورى الدولة بدعوى لإبطال تعيينه، وكالعادة لم يتحرك القضاء لأنه محميّ من وزراء الداخلية المتعاقبين، أما اليوم وفجأة تمّ رفع الغطاء عنه وأرادوا محاسبته، ما دفعنا إلى التساؤل هل ما يحصل هو إجراء شكلي وعرض عضلات من المسؤولين اللبنانيين أمام البنك الدولي؟
ورغم عدم اقتناع عباس بوجود أفرقاء يريدون مكافحة الفساد بجدية، إلا أنه أكد بأنه لن يتوانى عن استخدام أي وسيلة لديه للوقوف ضد الفساد الذي ينغّص حياة المواطن، داعياً إلى فتح كل ملفات الفساد دون استنسابية وأولها دائرة الجمارك وملف بلدية بيروت، ومجلس الإنماء والإعمار ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد وغيرها، لأنّ الفساد في هذه الإدارات بات وباءً يتفشى ويتمدّد بقوة دون أن يتجرّأ أحد على مكافحته”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
خسائر القطاع الزراعي وصلت إلى 70% ..”والحبل على الجرار” | تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ |