هل من تفريط بحقوق الأرثوذكس في الجيش؟ ولماذا أيَّد بو صعب وزير الدفاع؟
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
صحيح أنّ نائب مجلس النواب الياس بو صعب “علماني”، باعتباره من بيئة “الحزب السوري القومي الإجتماعي”، العلماني، أو قريباً منه أو مناصراً له، أو متعاطفاً مع عقيدته، لكنّه يتمسّك بين الحين والآخر بأرثوذكسيّته التي لولاها لَما انتُخب نائباً في المتن الشمالي عن المقعد الأرثوذكسي، ولما انتخب نائباً لرئيس مجلس النواب، وهو المنصب المخصَّص لطائفة الروم الأرثوذكس، لكنّه، ورضوخاً، أو مسايرةً لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يبدو أنّه تخلّى عن أرثوذكسيته لمصلحة الكاثوليك “ليس حبّاً بعلي بل كرهاً بمعاوية”، من خلال تأييده لموقف وزير الدفاع موريس سليم الذي كلّف العميد الكاثوليكي ملحم الحداد تسيير أعمال المفتشية العامة لغاية تعيين مفتش عام أصيل.
جاء هذا التكليف على رغم قرار قائد الجيش العماد جوزيف عون فصل العميد جرجس ملحم إلى المفتشية، وحيث أنّ العميد ملحم هو الأقدم، وبما أنّه من طائفة الروم الأرثوذكس، فقد كان يُفترض بوزير الدفاع تكليف “الأقدم” و”الأرثوذكسي” العميد جرجس ملحم، أمّا تجاهل “القرار المنطقي” وتكليف الكاثوليكي الأقل أقدمية، العميد ملحم الحداد، فلا يمكن اعتباره سوى “تنكيد” على قائد الجيش بإيعاز من الثنائي الرئيس السابق ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل. لكن ما ليس مفهوماً، وإنْ كان غير مستغرب، أن “يصُفَّ” نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وزير الدفاع السابق، إلى جانب القرار، الذي يعتبر كثيرون أنّه غير صائب، لوزير الدفاع موريس سليم، فالقرار يقدِّم مَن هو أقلّ أقدميّة، كما أنّه يقدِّم الكاثوليكي على الأرثوذكسي، رغم أن بو صعب متعصّب لأرثوذكسيّته، بدليل أنه قال في الجلسة الاولى لانتخاب رئيس للجمهورية: “لماذا لا يكون رئيس الجمهورية أرثوذكسيّاً؟”، فأجابه بري :”الظاهر عينك فيا”.
في واقع الأمر، يحاول بو صعب دائماً أن يكون “الأرثوذكسي الأوّل” في لبنان، مختزلاً زعامات ميشال المر وألبير مخيبر وعصام فارس وإيلي الفرزلي، وفؤاد بطرس، لكنّ “كبوته” في تأييد كاثوليكي للموقع الأرثوذكسي الأوّل في قيادة الجيش، ولّد نوعًا من الإستهجان لدى الطائفة الأرثوذكسية، فسألت إحدى مرجعياتها: مَن يطالب بأن يكون رئيس الجمهورية أرثوذكسيًا؟ كيف يتخلى عن أعلى منصب للأرثوذكس في المؤسسة العسكرية؟ حتى لو كان بالتكليف، إلى حين تعيين عميد، وفق الأصول؟
وسألت هذه المراجع: “هل مشكلة بو صعب مع قائد الجيش، منذ أن كان وزيراً للدفاع، هي تلبية لرغبات عون وباسيل؟
يُذكَر أنّّ المفتش العام الذي بلغ سن التقاعد هو اللواء الأرثوذكسي ميلاد إسحق، وبتكليف العميد ملحم الحداد، الذي لم يتسلّم مهام المفتشية بعدما وضعه قائد الجيش بالتصرّف، يكون المجلس العسكري، نظرياً، قد أصبح فيه كاثوليكيّان، اللواء بيار صعب، العضو المتفرغ في المجلس العسكري، والعميد ملحم الحداد، المكلف شؤون المفتشية العامة، الذي لم يتسلم مهامه بموجب التكليف، مع ذلك، ما على طائفة الروم الكاثوليك سوى القول: شكراً الياس بو صعب.
في الوقائع القانونية، إنّ مؤسسة الجيش هي مظلّة كل المؤسسات، ومنها المديرية العامة للإدارة، والمفتشية العامة، فهؤلاء يخضعون وظيفياً لوزير الدفاع، لكن قيادة الجيش هي المظلّة للمديرية العامة للإدارة وللمفتشية العامة، بهذا المعنى استخدم قائد الجيش حقه الطبيعي والقانوني، ولم يتعدَّ على صلاحيات غيره، مثال على ذلك: إذا كان من صلاحيات قائد الجيش تأمين الدعم على مستوى العديد وعلى المستوى اللوجستي، فإن هذه الصلاحيات تعني “الفصل” ضباطاً وعناصر، وفصل عميدٍ إلى المفتشية العامة يأتي من ضمن الدعم على مستوى العديد، ولو كان الأمر غير ذلك لكان العميد ملحم الحداد تسلَّم مهامه، تكليفًا، ولم يلتزم قرار قائد الجيش، وضعه في التصرف.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |