اشتباك قضائي جديد والبيطار وسط حقل ألغام.. هل يشرّع “التحقيق الدولي” أبوابه؟!
قوبلت خطوة القاضي طارق البيطار باستئناف التحقيقات بردود فعل متباينة، وانقسام قضائي. واليوم، كل الطرق تؤدي إلى التحقيق الدولي!
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
سجّل ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت فصلاً جديداً من فصول الاشتباك القضائي على خلفية قرار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار استكمال تحقيقاته والادعاء على شخصيات أمنية وقضائية وإخلاء سبيل موقوفين وردّ النيابة العامة التمييزية طلبات القاضي البيطار وعدم المصادقة على إخلاءات السبيل وإبلاغ الأمر إلى الجهات المعنية..
المحقق العدلي الذي تسلّح بنصوص القانون، قالها صراحة: تحقيق انفجار المرفأ سيستأنف، ما شكّل مفاجأة للجميع، فالقاضي المكفوفة يده منذ أكثر من عام خرج وحرّك الملف، مجهّزاً عدّة المواجهة، وفق معلومات أنّ البيطار لن يتنازل أو يتراجع.
إلى ذلك، أشارت معلومات أمس إلى أنّ النيابة العامة التمييزية لن تتراجع بدورها عن خطواتها.
إذاً، ما نشهده اليوم هو حرب قضائية – قضائية، في الوقت الذي لن يهدأ فيه أهالي ضحايا المرفأ قبل أن تأخذ العدالة مجراها.
وهناك يطرح السؤال التالي: ما السيناريو المرتقب؟
في هذا السياق تؤكد مصادر قضائية متابعة لـ “هنا لبنان” أنّه “ما من سيناريو محدد يمكن أن يسلكه هذا الملف على وجه الخصوص، إلاّ إذا تمّ تدويل التحقيق”، معربة عن خشيتها من انعكاس هذا الاشتباك على التحقيق.
وتضيف المصادر: “سواء قرر القاضي البيطار المضي في هذا الملف، أو ضغط عليه لكف يده، ففي الحالتين سيشهد ملف التحقيق تأزماً ما قد يترك تداعيات على الأرض أو ينعكس تشنجاً، فنصل إلى ما لا يحمد عقباه”.
وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ “التباينات داخل الجسم القضائي متعددة ما يعزز الانطباع أنّ الملف قد يخضع للمراوحة إلا إذا برزت معطيات معاكسة”، مؤكدة أنّ المحقق العدلي يقوم بواجبه وهذا قسم قد تعهد به.
إلى ذلك يقول المحامي والخبير الدستوري الأستاذ سعيد مالك لـ “هنا لبنان” إنّ “القرار الذي صدر عن القاضي البيطار شكّل مفاجأة لدى الأوساط القضائية، كما حرّك المياه الراكدة بالنسبة إلى تحقيقات انفجار المرفأ بعد أكثر من عام على تجميدها بسبب رد الدعاوى والمخاصمات ونقل الدعوى”، ويشير إلى أنّ “المحقق العدلي استند في قراره إلى مواد من قانون أصول المحاكمات الجزائية وإلى اجتهاد صدر في العام ١٩٩٥ وبغض النظر عن قانونية هذا القرار، فهو طرح علامة استفهام حول توقيته، إلاّ أنّه لا بدّ من النظر إلى جوهر ما ذهب إليه القاضي البيطار لجهة تحريك الملف وعدم التلهّي بالقشور والتثبت من قانونيته أو عدمها”.
ويؤكد مالك أنّ هناك خلافاً اجتهادياً حول قرار القاضي البيطار وكيفية تعاطي النيابة العامة التمييزية مع المذكرات الصادرة عنه لا سيّما أنّ هذه المذكرات مبرمة وغير قابلة للطعن ويقتضي تنفيذها، وبالتالي فإنّ عدم تنفيذها يطرح علامة استفهام، معلناً أنّ “ما يجري يؤدي إلى إحداث شرخ داخل القضاء بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي، فهناك خلاف حول الصلاحية واستكمال مدة التحقيقات وهذا يقود مباشرة إلى التأكيد أنه في حال حصول فشل في مسار التحقيق المحلي، فلا بد من اللجوء إلى التحقيق الدولي”.
ويوضح مالك أنّ “هناك عجزاً في إنهاء أو إنجاز التحقيق، وما نشهده هو فصل من هذه الفصول ولذلك لا خيار إلا بالتحقيق الدولي”، داعياً إلى “عقلنة الأمور واحترام الدولة والمؤسسات، خاصة وأنّ القرار الذي يذهب إليه القاضي البيطار لن يكون القرار النهائي في ما يتعلّق بإدانة أو تبرئة أشخاص لأنّ الكلمة الفصل تعود إلى المجلس العدلي وليس إلى المحقق العدلي”.
إذاً، الثابت في هذا الموضوع هو أنّ لا نية مطلقة لدى الأهالي والقاضي البيطار في التراجع قيد أنملة عن التحقيق سعياً وراء الحقيقة ولو تطلب ذلك مواجهة حتى الرمق الأخير .