الجيش وتصفية الحسابات السياسية
طبعاً لن تستجيب حكومة تصريف الأعمال لأي تدبير يطال قائد الجيش، فالبلد لا تنقصه قرارات مجنونة تزيد من حال الانهيار والتخريب
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
حسناً فعل وزير الدفاع موريس سليم بأن أوضح من بكركي الموقف الذي نقل عنه بأنه يفكر بطرح إقالة قائد الجيش العماد جوزف عون لمخالفات مزعومة، ولا يفترض بالوزير سليم أن يسكت عن إسناد كلام غير صحيح إليه لا سيما وأن هذا الكلام جرى تفسيره في السياسة وهو يدخل في سياق ضرب المواقع المسيحية الرئيسية في الدولة، وكان ينقص كي تكتمل صورة الإنهيار هو النزاع في المؤسسة العسكرية التي تعتبر صمام الأمان الوحيد الباقي في البلد، بعدما تم ويتم ضرب كل المواقع المسيحية المؤثرة من رئاسة الجمهورية إلى حاكمية مصرف لبنان إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى رئيس التفتيش المركزي إلى مدير إدارة المناقصات، وكلها مواقع تتعرض للهجوم في مفارقة ملفتة من قبل فريق مسيحي هو فريق رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون.
و بغض النظر عن صحة أو عدم صحة كلام وزير الدفاع ولأن “أهل مكة أدرى بشعابها” فلا يمكن لأحدٍ أن يكون أدرى بوضع الجيش وكيفية حمايته والحفاظ عليه في هذه المرحلة وتسيير أموره، من قائد الجيش العماد جوزف عون الذي استطاع أن يحافظ على درجةٍ كبيرةٍ من التماسك والانضباط في مؤسسة يعاني أفرادها ما يعانيه الشعب اللبناني من تداعيات لانهيار على مختلف الصعد هو نتاج من هم في السلطة ومن ضمنهم الفريق الداعم لوزير الدفاع.
وهنا لا بد من التذكير بأنه لا يمكن للطرف الذي يخاصم قائد الجيش أن يلجأ لحكومة تصريف الأعمال لاتخاذ أي إجراء بحقه إذا أراد ذلك، فهذا الفريق لا يعترف بدستورية جلسات مجلس الوزراء التي تعقدها حكومة تصريف الأعمال وقراراتها، فكيف يقرر أن يلجأ لهذه الحكومة؟ وهل الغاية تبرر الوسيلة؟
ولنفترض أن حكومة تصريف الأعمال استجابت لطلب هذا الفريق وأقالت مثلاً قائد الجيش فهل سيكون بالإمكان تعيين بديلٍ له؟ وهل هذا البديل يفترض أن يكون موالياً ١٠٠% للفريق السياسي الداعم لوزير الدفاع؟
طبعاً لن تستجيب حكومة تصريف الأعمال لأي تدبير يطال قائد الجيش، فالبلد لا تنقصه قرارات مجنونة تزيد من حال الانهيار والتخريب وقد يكون الدافع لها أهداف سياسية تتعلق تحديداً بانتخابات رئاسة الجمهورية، رغم أن قائد الجيش لم يعلن مرة أنه مرشح وهو ليس مسؤولاً عن تداول اسمه في السباق الرئاسي وأن من يطرح اسمه يأتي من منطلق النجاح الذي حققه في المؤسسة العسكرية وتوافق اللبنانيين على ذلك باستثناء الطامحين لاحتلال موقع رئاسة الجمهورية.
إن الحفاظ على الجيش لا يكون إلا من خلال ترك الحرية كاملةً لقيادة الجيش ووفق الصلاحيات المعطاة لها، كي تتعاطى مع كل المشاكل والاستحقاقات التي تعترضها بطريقة تبقي الجيش بعيداً عن تصفية الحسابات السياسية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |