سدّ المسيلحة: إعادة الترقيع من جديد
يوم الإثنين الماضي بدأت محاولة جديدة لعزل سد المسيلحة في البترون، إذ ترتبط العديد من القضايا الجيولوجية والبيئية والصحية بهذا الموقع.
كتب إدوارد صفير في “Ici Beyrouth“:
يوم الاثنين الماضي، عملت الجرافات والشاحنات والخلاطات الإسمنتية طوال اليوم داخل سد المسيلحة في البترون، لصب الباطون في الشقوق في محاولة أخرى لملئها والتأكد من إحكام السد الافتراضي للأرض، حيث لم يكن السد قادرًا على الاحتفاظ بـ 6 ملايين متر مكعب من المياه الموعودة، على الرغم من تأكيدات وزراء الطاقة المتعاقبين على نجاح هذا العمل الذي اكتمل في كانون الثاني 2020. وكان من المفترض أيضًا أن يكون هذا التاريخ بداية لمرحلة تجريبية مدتها عام أو عامين، يتم خلالها استخدام مياه السد للري. على الأقل، هذا ما أعلنته وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني في ذلك الوقت.
“السدّ مبني على كسر البترون، في موقع فيه عدة بواليع وهي مخارج تسرّب المياه السطحية إلى عمق الصخر، يشرح الخبير الهيدرولوجي د. سمير زعاطيطي، ومحاولة سدّها بالباطون أمر عديم الفائدة. فهذه الوسائل القديمة والمكلفة التي تهدف إلى ملء السد غير مجدية، والسّدّ تحوّل إلى أرضِ قاحلة ولم يمتلئ بالمياه إلا عندما كان مروّجوه، أي وزراء الطاقة وعلى رأسهم رئيس التيار الوطني الحر يستخدمونه لأغراض انتخابية. كما كان الحال قبل انتخابات العام 2022 عندما امتلأ السد بالمياه وافتتحه باسيل في محاولةٍ لتسليط الضوء على “الإنجازات” الوهمية للتيار. وبمجرد انتهاء الانتخابات عاد السدّ إلى حالته الطبيعية.
والسبب في ذلك أنّ سد المسيلحة يقوم على هياكل جيولوجية غير مستقرة للغاية: صدع زلزالي، ونباتات وطبقة غير مستقرة من المارل تتكون من كربونات الكالسيوم والطين الذي يدعم طبقة ثانية من الحجر الجيري المسامي والصلب.
يضيف زعاطيطي: “إنّ الصخر المارلي والفراغات بين الطبقات الناتجة عن كسر البترون تجعل من موقع السد غير مستقر”. فصخور المارل تتحول إلى طين متحرك عند ملامستها للماء، مما يؤدي إلى إضعاف القاعدة الإسمنتية التي ويتسبب في تسرب المياه. وفي لبنان تشكل المياه السطحية ثلث الموارد المائية، والطبيعة تخزّن بالفعل 3 مليارات متر مكعب من المياه سنويًا. لا يستطيع البشر تحدي الطبيعة بهذه الطريقة! “
على الرغم من كل المحاولات لجعل السد يحتفظ بالماء والاختبارات التي أجريت، استمرت المياه في التسرب إلى الأرض، لمتابعة مسارها الطبيعي تحت الأرض لتتدفق في البحر، كما تظهر الصور الجوية التي يلتقطها منتقدو المشروع بانتظام.
علاوة على ذلك، هذا السد من شأنه أن يعرض حياة سكان المنطقة للخطر لأن الضغط الناتج عن كتلة الماء والإسمنت على طبقة المارل يمكن أن يؤدي إلى انهيارات أرضية ضخمة.
وشدّد زعاطيطي على أنّ سد المسيلحة لا يسرب المياه فحسب، بل 2 مليون متر مكعب من المياه التي رحبت بها ندى بستاني، تلاشت بعد عشرين يومًا.
القضايا البيئية
“لم يتمّ تعليق العمل في السد على الرغم من تصنيف وزارة البيئة لنهر الجوز كموقع طبيعي”، يقول د. جان إسطفان، الباحث في علم البيئة والتنوع البيولوجي في الجامعة اللبنانية.
في منطقة المسيلحة يجف النهر عادة في الصيف. ومع ذلك، فهي أرض خصبة للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية التي تعتمد عليها، بما في ذلك الزواحف والثدييات التي تشرب هناك. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر النهر في منطقة ملوثة إلى حد ما، حيث أنه قريب من المنطقة الصناعية في البترون، لذلك فهي ليست مصدرًا صحيًا وموثوقًا للمياه.
ويُعتبر نهر الجوز مهمًّا للنظام البيئي البحري في شكا، فمياهه تندفع إلى المستنقع ثم تخرج إلى البحر في شكا. “بدون إمدادات المياه العذبة التي يوفرها نهر الجوز، ستشهد مياه البحر في منطقة شكا اختلافًا في درجة الحرارة وتركيز الملح، مما قد يضر بالكائنات البحرية”، تشرح د. رنا الزين، المتخصصة في علم البيئة والغابات، متخوفة من “اضطراب النظام البيئي للنهر، إذا لم يتم ضمان مستوى المياه الأمثل المطلوب لتنمية الحياة المائية”. وتابعت أن “درجة حرارة وأوكسجين الماء ستتغير، ما يعرض حياة الأسماك والقشريات الأخرى التي تعيش في النهر للخطر. كما أنه سيؤثر بشكل كبير على أنواع النبات التي تنمو على حواف المجاري المائية. كما أن جفاف النهر لن يؤدي إلى تدمير الموائل الطبيعية فحسب، ولكن تركيز الرطوبة على مستوى السد يمكن أن يؤثر على المساحات الخضراء في المنطقة. ومع تبخر الماء من السد، يمكن أن تزداد رطوبة الهواء وبالتالي تخلق بيئة مواتية لتطور الحشرات والفطريات المسببة للأمراض. فالمياه الراكدة وارتفاع درجات الحرارة ، ستكون عوامل مساعدة لنمو الكائنات الحية المجهرية شديدة العدوى والتي ستنقلها الحشرات بعد ذلك”.
مواضيع ذات صلة :
أهالي البترون ناشدوا المعنيين إصلاح العطل الكهربائي | تفاصيل جريمة محمرش في البترون! | جريمة مروّعة في محمرش البترونية! |