الأزمة الاقتصادية تعيد “الحشائش” إلى المائدة اللبنانية!
لم يعد بإمكان اللبناني إعداد مائدة طعام زاخرة، فأسعار اللحوم والدجاج باتت مخيفة، فجاء الحل بالعودة إلى الأرض والحشائش وإلى طعام الأجداد من هندباء وخبيزة..
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
قبل عقود، كانت حياة الأجداد بسيطة، وكانت الموائد مختلفة، أما الوجبات اليومية فكانت تضم لائحة كبيرة من الحشائش البرّية الملقبة بـ “السليق” كالخبيزة، الدردار، الهندبة، القرفة، وشرش الزلوع..
هذه الحشائش التي همشت في عقود مضت، عادت للموائد من جديد مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وتداعياتها المعيشية وانعكاسها على قدرة المواطن الشرائية، إذ بدأت بعض المناطق اللبنانية – خصوصاً الريفية منها – بالتوّجه إلى هذا النوع من الأطعمة نظراً لإنخفاض كلفة زراعتها وأسعارها مقارنة مع أصناف مختلفة من الخضار والتي تضاعفت أسعارها عشرات المرات عمّا كانت عليه قبل الأزمة.
صحيّاً، تتمتع هذه الحشائش بفائدة لمن يتناولها، وتعدّ علاجاً لنزلات البرد في فصل الشتاء، وفق ما يوضح رئيس تجمع المزارعين والفلاحين ابراهيم الترشيشي لـ “هنا لبنان”، قائلاً إنّ “هذا التوجه في العديد من المناطق البقاعية يأتي في ظلّ الغلاء الفاحش الذي لا يرحم، فالمواطن لم يعد قادراً على شراء الدواء له أو لعائلته، وحتى لو كان قادراً فإنّ بعضها مفقود من السوق، كذلك فإن هذه الحشائش البرية تعوّض نسبياً عن بروتينات اللحوم التي بات القليل من الناس قادراً على شرائها”.
ويلفت الترشيشي إلى أنّ “المواطن بدأ يعود تدريجياً إلى اعتماد الحشائش في مأكولاته اليومية، إذ نلاحظ أنّ حركة البحث عنها نشطة في الحقول والجرود، وأيضاً في محلات بيع الخضار حيث باتت تعد باب رزق للكثير من العائلات، إن كان على مستوى البائع أو على مستوى الشاري”.
إلى ذلك فإنّ العودة إلى الطعام النباتي الذي لطالما شكّل وجبة رئيسية في طعام أجدادنا بدأت تشكل بوابة فرج لشريحة من سكان البقاع (الشمالي والأوسط والغربي)، خاصّة وأنّ هذا الطعام مألوف لهم وليس بجديد على أراضيهم وموائدهم ومعداتهم.
وتختلف أسماء هذه الحشائش بين منطقة وأخرى، فيقول الترشيشي: “نحن نسميها المزروعات الأورغانيك التي تنمو بنفسها في المناطق الجبلية والبعض منّا يعتمدها في أرضه كالبابونج وهناك أيضاً زهر الزيتون، وزهر الزيزفون، والزعتر البري، والزعتر العادي، والسليق (بأنواعه المتعددة)، والجرجير والفدرية والشومر والحميضة والخبيزة..”.
وتعدّ نباتات الهندباء والسليق والزعتر البرّي والبقلة التي تعرف في بلاد الشام بالفرفحين، من المأكولات الشعبية الربيعية اللبنانية والمقبلات التي تحولت بفعل الأزمة الاقتصادية إلى أطباق رئيسية.
في هذا السياق يوضح المزارع اللبناني أبو أحمد، والذي يعيش في بلدة العين البقاعية أنّ “هذه النباتات كانت ولا تزال ضمن لائحة النباتات المغذية والمفيدة، ولقد زاد الطلب عليها مع الأزمة”، مضيفاً في حديث لـ “هنا لبنان”: “أتلقى يومياً العديد من الطلبات التي تشمل الخبيزة والجرجير والهندباء من سكان بلدات البقاع الشمالي المحيطة بنا، لذلك بتّ أعمل 5 ساعات في قطافها وتحضيرها لتسليمها لزبائني كل في موعده”.
وطرق تناول هذه الحشائش متنوعة وفق ترشيشي، فـ “هناك من يأكلها مطبوخة وهناك من يأكلها نيّئة (دون طبخ) بعد تنظيفها”، مشيراً إلى أنّ العودة إلى ربوع الأرض من خلال هذه النباتات، هي دليل خير، وداعياً للإكثار من زراعة هذه الحشائش التي تنمو بنفسها دون الحاجة إلى العناية والاهتمام.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تيننتي: لا صحة للانباء عن جولة لـ”اليونيفيل” في بعلبك | أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغانتس… وردود أفعال غاضبة: “فضيحة غير مسبوقة” | دريان: فرحتنا لا تكتمل بالاستقلال إلّا بوجود رئيس جمهورية |