باسيل يستغيث: وا جعجعاه!
هذه الصورة تقض مضاجع الوريث الذي استمات منذ تعيين قائد الجيش لتطويعه تحت عنوان “نحن من عينّاك”، فإذا بقائد الجيش يتصرف كما يفترض بأي قائد للمؤسسة العسكرية أن يفعل، لكن باسيل كان يريد جوزيف عون كأي مدير عام استجداه الموقع، فعيّن فيه، وبات خادماً له وللحاشية
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
كمثل صرخة المرأة التي استجارت بالخليفة المعتصم، وصرخت الصرخة الشهيرة “وا معتصماه”، يقترب باسيل من استجداء سمير جعجع بالاسم والمناداة، كي يقف إلى جانبه تحت يافطة التوافق المسيحي المسيحي، على اختيار رئيس الجمهورية، وعلى ما يدعيه لجهة منع المسلمين سنة وشيعة من الاستفراد بهذا الموقع.
صرخة زائفة أجهضت، آخر ما تبقى لها من مصداقية، هرطقات باسيل وعمه الجنرال، اللذين فعلا بـ “أوعى خيك” ما يعجز عن فعله الأعداء، فكانت تجربة شرب منها جعجع المرّ، بكل نكهات المرارة والخيانة، وكان درساً مكرراً لليلة قصر بعبدا حين أقسم الجنرال على حماية القوات، فسمّي بمباركة جعجع رئيساً للجمهورية، وكان ما كان من حروب ودمار وتهجير ألحقت بالمسيحيين هزائم وكوارث لم تلحقها بهم حرب العام 1975.
الوريث الذي يتخبط بإرث عمه العابق بالعدائية والأنانية والنيرونية، وإعلاء المصلحة على المبدأ، عاد بسحر ساحر إلى استجداء التفاهم المسيحي المسيحي، ذلك بعد أن استبعده حزب الله عن لائحة الترشيحات الرئاسية، فتوهم أن المؤمن سيلدغ من الجحر مرات ومرات، وتوهم أيضاً أن باستطاعته الشغب على حزب الله من خلال استعمال الكنيسة والقوى السياسية المسيحية كي تلبي طموحه، وكي تبرد رعبه من خيار انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية.
يريد باسيل أن يقيم سداً أمام قائد الجيش، فترشيح رئيس المردة بات بنظره من الماضي أما الكابوس الحقيقي، فهو يتمثل بصورة جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في بعبدا.
هذه الصورة تقض مضاجع الوريث الذي استمات منذ تعيين قائد الجيش لتطويعه تحت عنوان “نحن من عينّاك”، فإذا بقائد الجيش يتصرف كما يفترض بأي قائد للمؤسسة العسكرية أن يفعل، لكن باسيل كان يريد جوزيف عون كأي مدير عام استجداه الموقع، فعيّن فيه، وبات خادماً له وللحاشية.
ولأن العماد جوزيف عون كان قائداً فعلياً للمؤسسة في أصعب مراحل مرت بها، تعمد باسيل مضايقته ومناصبته العداء، عبر التضييق الإداري، والحروب الإعلامية والوشايات في عواصم القرار، وآخرها وشاية عند الأميركيين مفادها أن الجيش يعرقل اتفاق الترسيم البحري وأن تمسكه بالخط 29 متعمد لهدف منع الوصول إلى اتفاق.
مارس قائد الجيش المسؤولية بدرجة معقولة من الحذر والحرص في مرحلة متفجرة، ونزع الكثير من الصواعق، وصحيح أن الجيش بطلب من الرئيس عون، واكب زيارات باسيل إلى المناطق التي كانت تشكل صواعق خطرة، لكنه نأى بنفسه عن مماشاة أحلام الوريث، بأن يحول الجيش إلى أداة للسلطة والنفوذ، وإلى منصة للوصول إلى بعبدا.
واللافت أنه وبعد كل ما قامت به المؤسسة العسكرية، لم تواجه من باسيل إلا بالجحود، إذ كان أول من طعن بها بعد غرق المركب في بحر طرابلس، وكان يتمنى لها أن تغرق في حقل ألغام الطيونة، كل ذلك كي يستفيق عند الصباح فلا يجد خيار انتخاب قائد الجيش رئيساً قد أصبح حقيقة.
لأجل ذلك لم يجد جبران باسيل في مؤتمره الصحافي حرجاً أو خجلاً من أن ينادي رئيس القوات مستغيثاً: “وا جعجعاه”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |