استجرار الغاز والكهرباء يحتاج لعامل الثقة
عامل الثقة هو الشرط الأول كي يسلك القرض المتعلق بالغاز والكهرباء طريقه الصحيح، ويبدو أن الثقة هذه لن تستطيع هذه السلطة أن توفّرها فتجعل مجدداً من المواطن والوطن ضحية لخلافاتها.
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
المفاجأة التي أصابت البعض من إعلان البنك الدولي تجميد القرض الذي كان مخصصاً للبنان وقيمته ٣٠٠ مليون دولار من أجل استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن ليست في مكانها، لأن كل المعلومات المتوفرة كانت تشير منذ فترة طويلة إلى أن العملية معرقلة، وأنّ حلحلتها لن تحصل إلّا من خلال الاستجابة لطلبات الإصلاح في قطاع الكهرباء وضمانات أميركية بعدم التعرض لعقوبات قانون قيصر جراء عبور الغاز والكهرباء في الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري.
الإصلاحات في قطاع الكهرباء بدأت ولكنها بدأت متأخرة ومنها رفع التعرفة وإطلاق مسار تعيين الهيئة الناظمة التي كانت المطالبة بها من قبل البنك الدولي منذ ما قبل الإنهيار في لبنان ولم ترَ النور بحجة أن هناك تعديلات يجب أن تطرأ عليها كي لا تقضي على صلاحيات الوزير، وكذلك رفع التعرفة فهي مطلب قديم للبنك الدولي وقبل الانهيار أيضاً ولكنها لم ترَ النور إلا مؤخراً بحجة أنه لا يراد فرض المزيد من الأعباء على المواطنين.
المسؤولية إذاً في التأخير والعرقلة في ملف الكهرباء ليست مسؤولية البنك الدولي، بل هي بالدرجة الأولى مسؤولية لبنانية فالبنك الدولي يريد منحنا القرض ولكنه في المقابل يريد ضمانة باستعادة هذه الأموال وهذه الضمانة قوامها الأمور التالية:
١-إستدامة في تأمين التيار الكهربائي
٢-اعتماد تعرفة لا توقع كهرباء لبنان في خسارة
٣-تأمين جباية كاملة للطاقة المنتجة والمفوترة
٤-تدقيق مالي في مؤسسة كهرباء لبنان
وزارة الطاقة بشخص الوزير وليد فياض تجهد لتحقيق كل هذه الأمور وغيرها وقد حققت البعض منها ولكن حتى الآن لا يرى البنك الدولي أن هذه الأمور مضمونة ويمكن الحفاظ عليها في شكل مستدام وذلك بالنظر إلى الأمور المتدهورة في البلد وفي مقدمها النزاع السياسي وما نتج عنه من فراغ في رئاسة الجمهورية والسلطة ككل وهو فراغ يضع البلاد في المجهول، إضافة إلى التدهور المالي والاقتصادي الذي ينعكس بشكل مباشر عجزاً متصاعدا في خزينة الدولة ووارداتها وعلى تدهور سعر الليرة وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، فضلاً عن التفكك الذي يصيب مؤسسات وإدارات الدولة اللبنانية وما يلحق بها من فلتان على مختلف الصعد.
كل هذه الأمور لا تشجع البنك الدولي على السير قدماً في تأمين الأموال لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن، فعامل الثقة هو الشرط الأول كي يسلك القرض المتعلق بالغاز والكهرباء طريقه الصحيح، ويبدو أن الثقة هذه لن تستطيع هذه السلطة أن توفّرها فتجعل مجدداً من المواطن والوطن ضحية لخلافاتها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |