مأزق باسيل الرئاسي وفخ “الحزب”
باسيل يريد أن يتمرد على طاعة الحزب ولكنه يخشى العزلة، ولذلك يريد في الوقت نفسه الحفاظ على شعرة معاوية إلا أنه يخشى أن يُفرض عليه الحليف اللدود سليمان فرنجية.
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
بقدر ما يتعمق الانهيار الاقتصادي والمالي والسياسي والمؤسساتي والاستشفائي ويطل شبح الجوع الفعلي على اللبنانيين، بقدر ما ينكشف ويزداد عفن ووقاحة السلطة السياسية التي تستمر بصلف واستخفاف في لعبة السلطة، وتلجأ إلى استعمال مختلف أنواع الأسلحة الطائفية والمذهبية والفئوية وأخيراً القضائية غير آبهة بأن هذا النوع من الرقص على أنقاض الدولة والكيان سيتحول إلى رقص لطواحين الهواء. وبما أنّ الخواء بات عنوان السياسة في لبنان، وبعضهم يرقص من دون أن يعرف كيف ومع من، فهناك لاعب بهلواني يملأ الساحة حالياً هو جبران باسيل الذي يريد أن يتمرد على طاعة “حزب الله” ولكنه يخشى العزلة، ولذلك يريد في الوقت نفسه الحفاظ على شعرة معاوية إلا أنه يخشى أن يُفرض عليه الحليف اللدود سليمان فرنجية. يحاول الابتعاد أو أخذ مسافة عبر طرق أبواب أخرى فلا يلقى أكثر من استعداد للسلام والكلام، فلا أحد يصدق أنه يريد أو قادر أن يخرج على طاعة “حزب الله”. عندها يلجأ مجدداً إلى لعبته المفضلة أي الساحة المسيحية و”حقوق المسيحيين”، وهذه المرة من بوابة بكركي آملاً أن تلبيه كما فعلت عشية انتخاب حماه ميشال عون رئيساً للجمهورية إذ مهدت يومها لذلك عندما جمعت القيادات المسيحية في بكركي حاصرة خيار الرئيس في الأربعة، ومزكية عملياً عون من خلال الاتفاق الشهير الذي قضى بأن تكون الرئاسة لـ “الأقوى والأكثر شعبية”.
واليوم يحاول باسيل تكرار هذا السيناريو عبر محاولته إقناع سيد بكركي للعب اللعبة نفسها. غير أن البطريرك الذي يرفع الصوت عالياً منذ أشهر محملاً المنظومة مسؤولية عدم انتخاب رئيس يبدو متردداً لأن الظروف تغيرت وموازين القوى أيضاً، ناهيك عن أن تجربة “الرئيس القوي” كانت بمثابة “ذوبان الثلج وتبيان المرج” ودفعت البلد نحو جهنم كما أقر عون نفسه. وبغض النظر عن واقع واصطفاف القوى المسيحية، فإن ثلاثة من أصل أربعة، أي سمير جعجع وسامي الجميل وفرنجية يتموضعون في مواقع معارضة لموقع باسيل. فالمعركة تدور أوّلاً داخل ملعب فرقاء الممانعة أنفسهم، إذ يتبنى حسن نصر الله ترشيح فرنجية وباسيل يعارضه بشدة، أما جعجع فقد أحرق أصابعه من “اتفاق معراب” ولا نعتقد أنه من المناسب أن يعيد الكرة رغم أن باسيل يراهن على إحراجه بلعبة “وحدة الصف المسيحي تحت عباءة بكركي”. وكذلك الجميل الذي يتمسك بموقف حاسم تجاه “حزب الله” وارتباط “التيار العوني” به. والأهم من ذلك هو أن “القوات” و”الكتائب” قد ردوا أمس على عزم بكركي على دعوة كل النواب المسيحيين للاجتماع في بكركي كبديل عن اجتماع مصغر للقيادات الأربعة بأن الرئيس ينتخب في مجلس النواب. وبطبيعة الحال فرنجية أيضاً ا رفض الاجتماع الرباعي لتوحيد الصف المسيحي أي تسمية “الأكثر شعبية” بين الموارنة، وهو الذي صرح فور إعلان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في دائرة الشمال الثالثة قائلاً: “زمطنا بريشنا”، لأنه لم يحصل إلا على مقعد ابنه طوني.
غير أن لعبة باسيل في توظيف بكركي هي الوجه الآخر لفخ “حزب الله” الذي يعلن أن على الكتل المسيحية أن تتفق على مرشح وهو يسير به، علماً أن “حزب الله”، المتبني فرنجية والذي يرمي الكرة في ملعب بكركي، يعرف جيداً أنه من غير الوارد أن يتم الاتفاق على مرشح مسيحي جامع، إلا أنه يكون قد أصاب عصفورين وثلاثة بحجر بإحراجه البطريرك الراعي وبتفشيل باسيل وحشره أكثر في كماشة بين التمرد على إرادة نصرالله وعدم قدرته على تشكيل توازن مقابل. عندها ينقلب السحر على الساحر، ويقع باسيل في عزلة خاصة وإنّ البديل عن فرنجيه بالنسبة لـ “حزب الله” في أحسن الحالات هو قائد الجيش جوزيف عون الذي يقض أيضاً مضجع باسيل!
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |