“شباط اللباط”: هل تمّهد التقلبات السياسية لإنتخاب رئيس للجمهورية؟
هل سيحمل هذا الشهر مفاجآت تزيح القهر عن كاهل اللبنانيين الذين يتحملون الضغوطات ويرون بلدهم ومستقبلهم يهوي نحو المجهول؟
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
هل الفراغ الرئاسي مرشح لأن يطول بعد أن دخلت البلاد مرحلة الإنهيار الكامل، وبعد أن أصبح لبنان مسرحاً للانتظار المرتبط بالتسويات الإقليمية والدولية؟ أم أن ما شهده الأسبوع الأخير من تطورات قضائية وسياسية داخلية ولقاءات بين بعض القوى قد يفتح الباب على إيجاد تسوية أو حلحلة ما في الملف الرئاسي؟
أسئلة كثيرة تطرح مع مطلع شهر شباط والذي كما يقول المثل: “مهما شبط ولبط تبقى ريحة الصيف فيه”. فعاصفة “فرح” الثلجية التي بدأت في مستهل شباط والتي سميت تيمناً بالفرح قد حملت البياض والخير الذي يفتقده اللبنانيون فهل سيحمل هذا الشهر أيضاً مفاجآت يشهد لها لإزاحة القهر عن كاهل هؤلاء اللبنانيين الذين يتحملون الضغوطات ويرون بلدهم ومستقبلهم يهوي نحو المجهول؟
الجواب على إرتباط حلحلة الملف الرئاسي اللبناني مع التطورات الإقليمية ينتظر نتائج زيارات مهمة سيشهدها شهر شباط لبعض مسؤولي الدول المهتمة بالوضع اللبناني، وأبرزها زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن تميم آل ثاني إلى المملكة العربية السعودية ولقاؤه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وزيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى السعودية والإمارات إذ أن ملف لبنان موضوع ثابت في اللقاءات الفرنسية – السعودية، ويتناول معاناته من الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، في حين أن الأزمات المالية والاقتصادية والصحية والاجتماعية تتراكم وتستفحل فيه بحسب مصادر فرنسية لموقعنا.
وكذلك نتائج زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن إلى إيران ولقائه نظيره وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان التي حصلت نهاية الأسبوع الفائت، كما يترقب لبنان اللقاء الخماسي الذي سيعقد في باريس في 6 شباط ويشارك فيه إلى جانب باريس، واشنطن، والرياض، القاهرة، والدوحة، من دون الجانب الإيراني، والذي يعول عليه اللبنانيون لأنه مؤشر مهم على أن لبنان ليس متروكاً حتى الساعة.
وما صدر من إعلان عن وزارة الخارجية الفرنسية من السعودية بالذات إنما يحمل دلالات مهمة ولافتة لجهة جدول أعمال اللقاء السياسي وليس الإنساني كما كان يحصل سابقاً مما يعني أن الملف الرئاسي اللبناني سيكون في الواجهة بعد الفشل الداخلي الحاصل في عملية انتخاب رئيس الجمهورية، إذ حثّ الإعلان الطبقة السياسية على تحمل مسؤولياتها من أجل إنهاء الشغور الرئاسي والقلق الدولي على لبنان بسبب إنسداد الأفق في لبنان من الناحية السياسية وأكدت كولونا على مواصلة التنسيق مع الشركاء وإيجاد سبل للمضيّ قدماً.
أما تزامن زيارة السفير المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان والذي سيشارك في لقاء باريس ولقاءاته مع المسؤولين فهو خير دليل على السعي الفرنسي والدولي لدعم لبنان لا سيما أنه سيزور الولايات المتحدة الاميركية خلال أسبوعين للبحث مع المسؤولين الأميركيين في السبل الآيلة لتحييد ملف الكهرباء عن “قانون قيصر” بما يتيح مساعدة لبنان في حل أزمة الطاقة. لكن دوكان ربط ذلك بضرورة تنفيذ الشرطين اللذين طلبهما البنك الدولي للمساعدة في قطاع الطاقة وهما التدقيق في حسابات كهرباء لبنان وبالبدء بتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، إضافة إلى استكمال الخطوات المطلوبة لتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي يمثل بالنسبة لفرنسا وللمجتمع الدولي الممر الأساسي لإعادة التعافي إلى الاقتصاد اللبناني والحصول على مساعدات تتعدى ما يُتوقع الحصول عليه من صندوق النقد، مما يعزز الثقة الدولية بلبنان وبمؤسساته وبالعمل الحكومي كما قال.
أما الجواب عن السؤال الثاني حول نتائج اللقاءات التي شهدتها عين التينة وكليمنصو وميرنا الشالوحي والرابية وبكركي واليرزة، فيبقى رهن ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات أبرزها ما سيصدر من عين التينة بشأن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد المعلومات الأخيرة حول بدء العد العكسي لإيصال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة، وبدء استطلاع آراء الكتل النيابية من ترشيح فرنجية ومدى إمكانية الذهاب إلى البرلمان بأكثرية الـ 65 صوتاً مع نصاب الثلثين.
مصادر مقربة من عين التينة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن الأمور لا تزال في بداياتها وأن البحث مستمر لكن الاتفاق على إسم الرئيس العتيد لم ينضج بعد حيث يتم البحث في اسمين هما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، إلا أن ذلك يتزامن ويترافق أيضاً مع حراك خارجي لتحقيق تسوية متكاملة إضافة إلى مشاورات داخلية بدأت مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يتواصل بدوره مع السعودية عبر موفده النائب وائل أبو فاعور، وطرحه جملة أسماء قد تشكل مخرجاً للعقم الحاصل في الإستحقاق الرئاسي والخروج من حالة المراوحة المتجسدة بالورقة البيضاء من جهة والمرشح ميشال معوض من جهة أخرى. وأبرز الطروحات التي أطلقها جنبلاط إسم قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يلقى قبولاً من الإشتراكي وبعض القوى المسيحية كالقوات والكتائب وحتى بعض التغييريين وكتلة الإعتدال الوطني التي زارت قائد الجيش وأكدت على دعمه، ويأتي كل ذلك على الرغم من معارضة التيار الوطني الحر القوية والشرسة إن كان من قبل رئيس التيار جبران باسيل أو مناصريه وآخرها ما جاء على لسان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من واشنطن على وسيلة إعلامية سعودية بأن بعض المسؤولين في الجيش يتصرفون بأسلوب ميليشياوي وبأن طريقة تعاطي قائد الجيش هي التي تدفع خصومه لاستهدافه سياسياً.
وقد تكون زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى قائد الجيش خطوة جديدة باتجاه دعمه والسير به، فيما أكدت مصادر متابعة لموقعنا أن الزيارة وعلى الرغم من توقيتها السياسي وتزامنها مع الإعلان الفرنسي من المملكة فهي عادية وروتينية وقد بحثت في المساعدات للجيش اللبناني التي قد يتم إقرارها في اللقاء الخماسي في باريس لا سيما أن السفير البخاري قد يحضر اللقاء ويحمل معه مطالب الجيش والقوى الأمنية.
وأشارت المصادر المقربة من عين التينة إلى أن “شهر شباط سيشهد حراكاً مكثفاً لملء الشغور الرئاسي، وتريث الرئيس بري للدعوة إلى جلسة إنتخابية يأتي في هذا الإطار”، وأكدت المصادر أن الترقب سيبقى سيد الموقف لما سيحصل بعد 14 شباط ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعودة الرئيس سعد الحريري الرمزية الى لبنان. لا سيما أن جنبلاط واللقاء الديمقراطي قد مهدوا للرئيس بري الطريق بعد أن لوحوا بعدم المشاركة في جلسات فولكلورية. وبحسب مصادر سياسية متابعة فإن الرهان سيبقى على الوقت وخطوة جنبلاط أتت لدفع الرئيس بري باتجاه مقاربة جديدة للجلسات والذهاب بورقة تحمل اسماً بدل الورقة البيضاء.
فهل سيشهد شهر شباط وهو شهر للتطهير وللتكفير عن الذنوب باللغة الرومانية والمعروف بتغيراته المناخية خرقاً في الملف الرئاسي ويقوم المسؤولين بحركة سياسية داخلية نشطة برياحها لتزخيمه وللتكفير عن أخطائهم وتحمل مسؤولياتهم كما طلبت الخارجية الفرنسية؟ أو أنه سيتم إنتظار تبلور مبادرة عربية – دولية تنتج عن التحرك العربي والدولي وعن إجتماع باريس في 6 شباط لانتخاب رئيس للبلاد؟ وإلا فإن الفراغ والصقيع سيخيم على مجلس النواب الذي لا يزال يشهد اعتصاماً بارداً للنائبين ملحم خلف ونجاة صليبا ولم يؤتِ ثماره حتى الساعة.