فالق اليمّونة “استيقظ”.. نسبة الانزلاق 5 ملم سنوياً!
كتب إدوارد صفير لـ “Ici Beyrouth”:
ضربت هزات أرضية ارتدادية فجر أمس الاثنين مناطق لبنانية عدة بلغت قوّتها 4.8 درجة على مقياس ريختر، مصدرها زلزال مركزه في محافظة بازارجيك جنوب شرق تركيا، قرب الحدود مع سوريا وطال صدع بلاد الشام الكبير الذي يمر أيضاً في لبنان.
وفي وقت كان البلدان المنكوبان منهمكين في إحصاء الأضرار المادية والبشرية، كان اللبنانيون في حالة ذعر إثر الهزات الارتدادية التي شعروا بها عقب الزلزال.
فالزلزال القوي الذي وقع في تمام الساعة 3:20 فجراً، قض مضاجع اللبنانيين بعدما اهتزت منازلهم لمدة أربعين ثانية كادت لا تنتهي، ودفع بعدد كبير منهم لترك بيوتهم على عجل إلى أماكن مفتوحة بعيداً عن المباني، غير مبالين بالمطر والعاصفة التي تضرب البلاد.
الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر ضرب تركيا قرب منطقة حدودية مع سوريا، وكان مركزه على بعد 350 كيلومترًا من الأراضي اللبنانية، وفقًا لبيان أصدره المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان (CNRS).
وقد شعر سكان بلاد الأرز بالزلزال الذي وصلت ارتداداته إليهم بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر، ووفقًا لبيان المركز الوطني، فإنّ الهزات الارتدادية التي شعروا بها لاحقاً تعد ظاهرة طبيعية، ولا تتطلب إجراءات احترازية وهي أقلّ أهمية وخطراً من تلك التي وقعت فجراً.
حقائق طبيعية
لطالما شهد لبنان هزات أرضية في الماضي، إذ يقطع البلاد فالق اليمّونة الذي يقسمها إلى قسمين ويرسم تضاريس البلاد. وعليه، فإنّ لبنان يعدّ منطقة ذات نشاط زلزالي كبير إلّا أنّه معتدل رغم أنها شهدت هزات تاريخية مدمرة.
وأوضح الخبير في الجيولوجيا مارك سعادة في حديث لـ “Ici Beyrouth”، أنّ “فالق اليمّونة نشِط حاليًا ويتحرك بمعدل 5 ملم سنويًا”، مشيراً إلى أنّه “استيقظ بسبب الأنشطة الزلزالية التي حدثت على امتداد صدع بلاد الشام الكبير، الذي يمتد بطول 1200 كيلومتر ويمر بخليج العقبة المطل على البحر الأحمر ويصل إلى تركيا، ويمر بلبنان مشكّلاً صدع اليمونة وتشعباته الثلاثة، عابراً سوريا.
ويتوقع الخبراء أن تضرب لبنان في الأيام القليلة المقبلة عقب زلزال تركيا هزات ارتدادية أضعف من تلك التي شعر بها سكانه أمس، ولن تكون مقلقة نظراً إلى المسافة التي تبعد فيها البلاد عن مركز الزلزال.
وبحسب سعادة فإننا لن نشعر بقوة الهزة ذاتها، مشيراً إلى أنّ “سكان الطبقات العليا في الأبنية سيشعرون بالهزات أكثر من أولئك الذين يسكنون في طبقات أدنى”.
وعلى الرغم من أن الهزات التي ضربت البلاد هي الأقوى منذ زلزال شحيم عام 1956 (بقوة 5.5 درجة)، “إلا أنه من المستحيل التنبؤ ما إن كانت ستضرب البلاد سلسلة زلازل جديدة، بعكس كارثة التسونامي القادم الذي قد يدمر الساحل اللبناني في غضون مائة عام، ففي عام 551 ضربت البلاد موجة تسونامي، قيل إنّها أودت بحياة ثلاثين ألف شخص في بيروت، وتوقعت الدراسات أنّ دورة عودتها ستكون بعد وقوعها بـ 1500 عام أي خلال مائة عام”.
ما هو الزلزال؟
قد يكون من المفيد أن نتذكر أن الزلزال هو ظاهرة طبيعية تشكل تصدّعاً وانكساراً في الصخور، وتتسبب باهتزازات أرضية، في حين أنّ تكسر الصخور هذا يعود إلى تراكم إجهادات داخلية، على فترات طويلة، ما يتسبب بضغط على صخور معينة من قشرة الأرض وينجم عنها تحرك للصفائح الأرضية.
ويحدث هذا التصدع في بؤرة زلزالية عميقة، لكن مركز الزلزال (النقطة الموجودة على السطح والتي تقع عمودياً على البؤرة) هي النقطة التي تنطلق منها موجات الصدمة.
ومن الممكن أن يكون سبب وقوع زلزال واحد من ثلاثة أسباب رئيسية، هي حركة الصفائح التكتونية والبراكين والنشاط البشري.
في الحالة الأولى ، يتعلق الأمر بحركات الصفائح التكتونية التي تشكل الغلاف الصخري الأرضي (الغلاف الخارجي الصلب للأرض المكون من القشرة العلوية من وشاح الأرض)، والمعروف بصفائح الغلاف الصخري.
يحدث النشاط التكتوني على الكوكب بسبب حركة واحتكاك 15 صفيحة كبيرة من الغلاف الصخري و 40 صفيحة صغيرة، كما حصل في صفائح المحيط الهادئ وأمريكا الشمالية في صدع سانت أندريه. أو تتداخل بطريقتين، أي عندما تنزلق صفيحة محيطية تحت صفيحة قارية (كما حصل في حالة إندونيسيا)، أو عندما تنخفض صفيحة محيطية تحت صفيحة محيطية أخرى (كما حصل في جزر ماريانا)، كما يمكن للصفائح أيضاً أن تنفصل أيضًا وتتباعد، كأن تتحرك الصفيحتان التكتونيتان بعيدًا عن بعضهما البعض وذلك نتيجة تدفق صهارة كبير من خلال فتحة تسمى بقعة ساخنة، كالتي ظهرت بين الصفيحتين الأميركية والأوروبية الآسيوية على مستوى أيسلندا.
تعود حركة هذه الصفائح إلى نشاط الصخور والمعادن المنصهرة في الوشاح السفلي للأرض، إذ أثناء الدوران، تدفع الصهارة السائلة الصفائح التي تبدأ بالحركة.
وتعد البراكين سبباً ثانياً لحدوث الظاهرة الزلزالية، إذ تكون الزلازل التي تحدث نتيجة النشاط البركاني النشط بشكل عام أضعف من تلك التي تسببها الصفائح التكتونية لأنها غالبًا ما تكون قريبة نسبيًا من السطح، وذلك بسبب تراكم المواد المنصهرة بغرفة الصهارة في البركان، وهذا النوع من الزلازل يمكن التنبؤ به وعادة ما يترافق معه ثوران بركاني.
وتسجل أجهزة قياس الزلازل عددًا كبيرًا من هذه الزلازل الذي ينتج عن التحرك في الصخور المضغوطة أو تفريغ الصهارة التي تطلق الحدث.
السبب الثالث للزلازل هو النشاط البشري، وتحدث الزلازل بشكل خاص بسبب تشييد الأنفاق والخزانات تحت الأرض ومشاريع الطاقة الحرارية.
هذه العملية تختبر فشل تحمل الصخور المرنة للضغط، التي في النهاية تنكسر لتطلق كميات كبيرة من الطاقة المتراكمة على مر السنين وتهز الأرض والبحار.
وبغض النظر عن نوع الزلزال من الضروري اتباع بعض التدابير الوقائية بمجرد اهتزاز الارض وهي كالآتي:
– لا تستخدم المصاعد
– ابتعد عن النوافذ والرفوف والخزائن
– اختبئ أسفل طاولة خشبية متينة أو تحت أعمدة المدخل أو بالقرب من جدار مدعم وانتظر حتى يتوقف الاهتزاز
– لا تشغل الأجهزة الكهربائية
– إذا كنت بالسيارة: توقف عن القيادة واركن سيارتك في مكان بعيد عن الأعمدة والأشجار والمباني.
– إذا كنت في الشارع فابتعد عن الأعمدة والأشجار والمباني، وتجنب اللجوء إلى المحلات التجارية أو مداخل المباني.
كما أن هناك إجراءات يجب اتخاذها بعد الزلزال:
– تأكد من عدم تسرب الغاز المنزلي أو زيت الوقود أو تسرب المياه.
– تجنب الاقتراب من الشرفات والنوافذ
– تجنب استخدام المصاعد
– احتفظ بهاتفك وأوراقك الثبوتية بالقرب منك.
مواضيع ذات صلة :
الحرب تتحّدى الطبيعة.. والأسلحة المحرمة تنذر بـ”زلازل” غير مسبوقة! | تحذير من زلازل بسبب “الحرب”.. لعدم العبث مع الطبيعة! | العالم الهولندي توقع زلزالا كبيرا ما بين 18 و19 آب.. وخبير يعلّق! |