وسط أزمة لبنان.. القطاع الخاص يزدهر
ترجمة “هنا لبنان”
في لبنان البلد الذي تحاصره الأزمات من كل حدب وصوب، يشكّل القطاع الخاص بصيص أمل إذ يؤمّن فرص عمل لكثير من المواطنين.
تفجير مرفأ بيروت، جائحة كورونا، الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أسعار الغذاء عالمياً والشلل السياسي المستمر في البلاد.. كلها أسباب أدّت إلى تفاقم أزمة لبنان المتشعبة، وأبرزها انهيار اقتصاد البلاد، فبات أكثر من 50٪ من سكان لبنان اليوم يعيشون في فقر غذائي كما باتوا معرضين لخطر المجاعة.
وعلى الرغم من هذه التحديات الهائلة، بقيت بعض المجالات في القطاع الخاص في البلاد قادرة على الازدهار ولا سيما في مجال التكنولوجيا والخدمات، ويمكن القول أن الغالبية العظمى من الناس باتت تعتاش من هذا القطاع الذي يمكن وصفه بأنه موازٍ للقطاع العام والحكومة، فالمولدات الخاصة مثلاً حلت محل كهرباء الدولة التي باتت مقطوعة تماماً.
كما تحول لبنان بفعل الأزمات المحلية في السنوات الأخيرة لبنان للاعتماد على الأموال الدولية سواء من خلال التحويلات المالية أو التوظيف المباشر، وفي الواقع يعتمد نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الآن على الأموال المرسلة إلى الوطن من الملايين من اللبنانيين في الخارج.
ويظهر هذا المستوى من المشاركة والدعم من خلال مبادرة Outer Pond، والتي تأسست في عام 2021 وتعمل على ربط الشركات الدولية والأفراد وخاصة بين المغتربين بمجموعة المواهب الكبيرة في لبنان، ويوضح ناجي مبارك صاحب مبادرة Outer Pond: “كنت في لبنان عندما وقع انفجار المرفأ وصُدمت من حجم الدمار وموقف الطبقة السياسية التي لم تفعل شيئًا على الإطلاق سوى إيجاد الأعذار لفشلها الذي لا ينتهي، لكنني تأثرت أيضًا بالمقدار الهائل من المساعدة التي تلقيتها من المغتربين والدول الصديقة والمنظمات غير الحكومية الدولية”.
كرجل أعمال، أراد مبارك إيجاد طريقة عملية لمساعدة القطاع الخاص اللبناني، ويضيف “لذلك فكرت في إنشاء منصة تسمح لمقدمي الخدمات اللبنانيين بإدراج شركاتهم والعثور على المشاريع والشراكة والاستثمارات المميزة نيابة عن الباحثين عن الخدمات المقيمين في الخارج”. ومنذ إطلاق Outer Pond في منتصف عام 2021 عرضت قوائم مشاريع قيمتها تزيد عن مليوني دولار مما يسمح للكيانات المحلية والدولية بالتفاعل والتواصل ويساعد في الترويج للبنان كخيار للاستعانة بمصادر خارجية ولا سيما بين المغتربين، والذين يفهمون خصوصيات لبنان وبالتالي يرون إمكانات الاستثمار المشروعة للبلاد.
وإحدى قصص نجاح Outer Pond يرويها إلياس الحاج وهو رجل أعمال كندي لبناني ابتكر مجموعة من الأرائك تسمى Berytus والتقى بمصممه في Outer Pond، فقال الحاج في بيان صحفي “يسر شركةHagecor International أن تعلن عن استثمارها ودعمها في تصميم وتصنيع الأرائك السكنية المنتجة في لبنان تحت الاسم التجاري Berytus، وتم تصميم هذه الأريكة الخفيفة المعيارية والمثبتة بمشبك والإشراف عليها من قبل HAS Architect وهو مزود خدمة من Outer Pond، وتم إنتاجها بواسطة شركة تصنيع اثاث في لبنان”. ويضيف الحاج “كانت شركة Outer Pond أساسية في إنجاح هذه الصفقة من خلال تسهيل الاتصال بمقدمي الخدمات اللبنانيين المرموقين مثل HAS Architect الذي لولا ذلك لما اكتشفته شركة Hagecor على الإطلاق”.
يزود لبنان Apple وMeta و Space X
ولأن الأخبار السيئة الصادرة عن لبنان تطغى على إنجازات البلاد، فغالبًا لا تنال هذه الإنجازات حقها ولا يُحكى عنها. Apple و CISCO و Juniper و Meta و Nokia و SpaceX تستخدم معدات شركة MultiLane ، الشركة الرائدة في مجال نقل البيانات، وخبراتها لبناء واختبار شبكاتها.
ويقول فادي ضو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة MultiLane أنّه على الرغم من عدم اليقين العالمي والمحلي وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية قد كان أداء MultiLane جيدًا خلال هذه الفترة حيث تفوق في الأداء على مقاييس الصناعة العالمية على جميع الجبهات ويتطلب الازدهار كعمل تجاري في لبنان خبرة في إدارة الأزمات مما يمكّننا من التعامل مع التعقيدات المحلية والعالمية والاستمرار كقوة صناعية ديناميكية أولى في السوق التي تشتهر بها، ونظرًا لأن معظم أعمال MultiLane تتم مع شركاء أجانب فيمكنها التخفيف من أسوأ أزمة مالية في لبنان ، وشهدت الشركة نموًا بنسبة 65٪ من عام 2021 إلى عام 2022 بينما تضاعفت شحنات المنتجات منذ عام 2020 لتصل إلى 10000 منتج يتم شحنها دوليًا أسبوعيًا.
كما قامت شركة MultiLane بتأسيس “مجمع حومال للتكنولوجيا” في بلدة حومال في جبل لبنان، في خطوة لدعم الشباب اللبناني وخلق مئات الوظائف في مجال التكنولوجيا. ويعتمد المجمع بالكامل على الطاقة البديلة وموقعه في حومال يبعد عن بيروت نحو 25 دقيقة بالسيارة ولكنه بعيد بما يكفي عن صخب وحشود المدينة الكبيرة. وللشركة حافلات مجانية تنقل موظفيها من وإلى بيروت للتخفيف من عبء أزمة المحروقات. ويعلق ضو: “لقد حصلنا على الحزام الأسود في إدارة الأزمات، لقد بقينا وحاربنا حتى نستمر وهذا من ميزات الشعب اللبناني”. مضيفاً: “بسبب الأزمات الحالية في لبنان خسر الكثير من الناس وظائفهم فشعرنا بالمسؤولية لسد هذه الثغرات”، فالشركة تؤمن مئات فرص العمل.
كما أطلقت MultiLane مبادرة تعليمية غير هادفة للربح وتهدف إلى الدعم التعليمي للطلاب في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في لبنان.
نجاح MultiLane شهادة حية مشرقة على أن القطاع الخاص في لبنان ما زال قوياً وقادراً على النجاح رغم كل العوائق.
المصدر: Investment monitor
مواضيع ذات صلة :
الإمارات: “المسار السلمي” السبيل الأمثل للتعامل مع الأزمات عالمياً | مؤشر الدول الأكثر بؤساً في العالم… لبنان في المراتب الأولى | “السعادة في يومها العالمي”.. هل يعرفها الشعب اللبناني؟ |