عشاق” تفاهم مار مخايل” يتفرّقون بعد 17 عاماً.. البعد جفا!


أخبار بارزة, خاص 9 شباط, 2023

الوساطة لم تعد تنفع بين باسيل والحزب الذي تبرأ منه، بل دخلت على خط حارة حريك – الرابية تحديداً، لأنّ قاطنها الرئيس السابق ميشال عون لم يهاجم الحارة على غرار صهره


كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:

بالتزامن مع الذكرى الـ 17 لتفاهم مار مخايل في شباط من العام 2006 الذي وقّع بين التيار الوطني الحر وحزب الله، أي بين نقيضين لا يجمعها أي شعار سياسي أو مبدأ، بل مصالح خاصة تتنقل بين دعم للوصول إلى الرئاسة وهذا ما حصل، وبين غطاء مسيحي لسلاح غير شرعي وهذا ما حصل، الأمر الذي وضع الأضداد في سلّة واحدة، لم تستطع أن تحويهما سوى سنوات قليلة، ما لبثت أن ظهرت حقيقتها في العلن، على الرغم من محاولة الطرفين لملمة الوضع، والتباهي بتفاهم قلّ نظيره. فيما كان “التيار” يقنع محازبيه ومناصريه، بأنّ “الهدف من هذا التفاهم تأمين الحماية للمسيحيين”، وهنا المضحك المبكي بسبب ما تحمل هذه العبارة في طياتها، وما حصل على امتداد تلك السنوات يوضح ذلك…

هذا التناقض الذي أدخل صفوف “التيار” البرتقالي الى معقل الممانعة، حتى بات من أبرز أركانه، أطلق العنان لفقدان شعبيته المسيحية، بعدما ذاب الثلج وبان المرج، فسارع رئيسه جبران باسيل وتحت عنوان “المصلحة الخاصة تقتضي” إلى التمسّك بالعصا من النصف، فعمل وفق المثل الشائع “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، موزعاً الغزل في بعض الأحيان باتّجاه حارة حريك، في محاولة لإعلام الحزب أنّه سائر معه، ولا شيء يمكن أن يفصل بينهما، لكن لا بدّ من توجيه بعض العتب “على قد المحبة”، ليستبدل اتّجاه الهجوم العنيف والدائم نحو رئيس المجلس النيابي نبيه بري، و”يفشّ خلقه” برئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مسترجعاً نبش القبور المسيحية، أي يقوم دائماً بإسماع الجميع الكلام الساخن سياسياً، مع إفهامهم بأنّ خط الرجعة باقٍ مع الحليف الوحيد المتبقي، الذي لا يتخلى عنه.

لكن وقبل أشهر اختلف الوضع، لأنّ الخلاف لم يعد غيمة صيف عابرة كما كان يردّد نواب البرتقالي والأصفر، بل مجموعة غيوم عابقة في أجواء “ميرنا الشالوحي”، تنذر بشتاء عاصف جداً وتردّدات يومية برزت هذا العام، بالتزامن مع هزّة قوية فرّقت عشاق التفاهم، على وقع القلوب المليانة منذ سنوات، حيث وصل التراكم إلى القمة مع إعطاء الحزب الأصفر الضوء الأخضر لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بانعقاد الجلسة الأولى والثانية والثالثة للحكومة، الأمر الذي أضاء كل “فيوزات” باسيل، فطفح كيله ليصبح وحيداً كئيباً وحزيناً من دون أي حليف، وترافق ذلك مع الأصوات العونية الشاجبة والرافضة لما يجري، خصوصاً النواب الذين غادروا “التيار” أو المعارضين الذين تمّت إقالتهم، أو طُردوا بسبب رفضهم لسياسة باسيل مع سؤالهم الدائم: “ما الذي يجمعنا معهم”؟، خصوصاً أنّ دروب الفريقين لم تكن سالكة ومفتوحة على مصراعيها في كل الأوقات، إذ لم يتحقّق سوى القليل من ورقة التفاهم التي حوت بنوداً حول الحوار الوطني، والديمقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، وبناء الدولة العصرية، والمفقودين خلال الحرب والمعتقلين في سوريا، وحل مشكلة اللبنانيين المبعدين إلى إسرائيل في العام 2000، وإجراء المصالحة الوطنية، وإقامة علاقات لبنانية – سورية، واتّخاذ الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة، بتثبيت لبنانية مزارع شبعا، وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ومعالجة ملف السلاح خارج المخيمات الفلسطينية، وحماية لبنان وصيانة استقلاله، مع اعتبار سلاح الحزب من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدّين: الاستناد إلى المبرّرات التي تلقى الإجماع الوطني، وتشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، مع الظروف التي تؤدي إلى انتفاء أسباب ومبررات حمله، وضرورة إجراء حوار وطني، يؤدي إلى صياغة استراتيجية دفاع يتوافق عليها اللبنانيون. من دون أن يتحقق منها شيء سوى القليل، فيما البنود المهمة لم تعرف طريقاً حتى للسؤال عنها، خصوصاً ملف السلاح طيلة كل تلك السنوات.

في غضون ذلك ووفق معلومات “هنا لبنان”، فالوساطة لم تعد تنفع بين باسيل والحزب الذي تبرأ منه، بل دخلت على خط حارة حريك – الرابية تحديداً، لأنّ قاطنها الرئيس السابق ميشال عون لم يهاجم الحارة على غرار صهره، فكانت زيارة وفد من الحزب برئاسة النائب محمد رعد، حيث ساد اللقاء كل العتب ولم يصل إلى إنهاء التباين والخلاف، فيما المصلحة المتبادلة ما زالت متداخلة، وهنالك محاولات لإبقائها على وقع الجرّة المكسورة، وموقف رعد كان مكتوباً سلفاً، وهذا شكّل مفاجأة للرابية، والنتيجة “التفاهم” بات في خبر كان و”البعد جفا”، وفي عيده تمّ إطفاء الشموع الـ 17 إلى غير رجعة، ليصبح مجرّد كلمات ليست كالكلمات، لقد حان وقت الرحيل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us