جلسة “تشريع الضرورة ” بين دستورية “الانعقاد” ولعبة “النصاب”
عاد الحديث عن دستورية ما اصطلح على تسميته “تشريع الضرورة” وبروز الانقسام النيابي بين من يرى أن تشريع الضرورة سيؤدي إلى تكريس الشغور الرئاسي وتمديد أجله وبين مؤيد له لإقرار القوانين الإصلاحية والملحة.
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
منذ أن دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع الإثنين المقبل للاتفاق على جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة الأسبوع المقبل والذي يتضمن مشاريع قوانين سيجري العمل على درسها في هيئة مكتب المجلس وحصرها بقوانين لا تشكل استفزازاً من أجل تأمين نصاب الجلسة التشريعية الأولى بعد الشغور الرئاسي.
من بين القوانين المطروحة مشروع الـ “كابيتال كونترول” الذي انتهت اللجان النيابية من دراسته، إضافة إلى بند تمديد ولاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التي تنتهي مطلع آذار المقبل. فيما لم يعرف بعد ما إذا كان هذا القانون سيؤدي إلى تمديد ولاية جميع المدراء العامين من المدنيين، أم أنه سيشمل المؤسسات العسكرية.
وفي انتظار نضوج “الطبخة”، عاد الحديث عن دستورية ما اصطلح على تسميته “تشريع الضرورة” وبروز الانقسام النيابي بين من يرى أن تشريع الضرورة سيؤدي إلى تكريس الشغور الرئاسي وتمديد أجله وبين مؤيد له لإقرار القوانين الإصلاحية والملحة.
وقد بات واضحاً موقف بعض الكتل النيابية من هذه الجلسة كالكتائب الرافضة للجلسة كما كتلة “الجمهورية القوية” التي لن تشارك في الجلسة بحسب ما أكده النائب رازي الحاج لموقع “هنا لبنان” انطلاقاً من موقف الكتلة الثابت من أنّ أولى الأولويات هي انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، وهو المدخل الأساسي للبدء بالعمل بالحلول الأخرى المتبقية.
وإذ أشار الحاج إلى أنّه من الممكن أن يكون هناك بنود مهمة على جدول الأعمال أكان في مجلس النواب أو اجتماع الحكومة إلّا أنّ ذلك لن يغيّر شيئاً بوضع المواطنين الذين يتخبطون بالمشاكل يوماً بعد يوم، والحل هو في انتخاب رئيس يعيد بناء الثقة ويستعيد هيبة الدولة ويطبق القانون ويشكل حكومة ويكون هناك مجلس نواب فاعل ضمن دورة دستورية منتظمة.
ولفت الحاج إلى خطورة جعل المواطن يعتاد على فكرة أنّ البلد “ماشي” من دون رئيس للجمهورية فيما البلد لا يمكن أن ينتظم بغيابه.
وأكد الحاج أن لا خلاص إلّا بتطبيق الدستور وأن نكون جميعنا تحت سقف القانون وللأسف فإنّ النظام السياسي أصبح وجهة نظر يتم تعطيله باستمرار. لذلك نتمسك بموقفنا منعاً لمحاولات فرض خيارات علينا بالقوة وتفسير الدستور بحسب مصالحهم.
من جهة أخرى أكدت مصادر التيار الوطني الحر لموقع “هنا لبنان” أنّها تنتظر مضمون جدول أعمال الجلسة لتحديد طابع الضرورة على أن يتم تحديد الموقف من موضوع التمديد بحسب الصيغة التي يجب أن تكون عامة وليست شخصية وليس قانون على قياس شخص وإذا ما كان هناك من أسباب موجبة للتمديد.
وشددت المصادر على أنّها لم تقفل يوماً الباب على تشريع الضرورة وسبق أن حصل هذا الأمر بين عامي 2014 و2016 وشاركت حينها كتلتا الكتائب والقوات “فرجاءً التقليل من المزايدات” بحسب مصادر التيار الوطني الحر.
أمّا في الرأي الدستوري وفي حين يستند مؤيدو “تشريع الضرورة” على تفسير المادة 75 من الدستور بأنّ المجلس يعتبر هيئة ناخبة خلال جلسة الانتخاب فقط ولا يحق له التشريع، لكن عندما تنتهي هذه المهمة وتنتفي هذه الغاية فإنّه يستطيع أن يشرّع. يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لموقع “هنا لبنان” أنّه سنداً للمادة 74 من الدستور وعند خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان لسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو أيّ سبب كان، يعتبر مجلس النواب منعقداً بحكم القانون حتى انتخاب البديل.
وتنص المادة 75 من الدستور أيضاً على أنّ المجلس الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة ناخبة ولا يحق له التشريع على الإطلاق. وبالتالي اليوم سدة الرئاسة خالية بسبب عدم التمكن من انتخاب رئيس ما يفيد أنّ مجلس النواب الحالي هو في حالة انعقاد دائم والمجلس ملتئم من أجل انتخاب رئيس لا أكثر ولا أقل. إذاً لا يحق لمجلس النواب على الإطلاق الاجتماع للتشريع إنّما مهمّته محصورة فقط بانتخاب رئيس للجمهورية سنداً للمادتين 74 و75 من الدستور.
وشدّد مالك على أن ليس هناك من تشريع ضرورة، فكل تشريع يقدم عليه مجلس النواب هو ضروري ولكن هذا التعريف الذي ذهب إليه مجلس النواب السابق بموضوع تشريع الضرورة هو لتبرير الانعقاد من أجل إصدار قوانين وتشريعات. أما ما سبق لمجلس النواب السابق أن أقدم عليه من عقد جلسات لتشريع الضرورة فلا يعني أنّ الخطأ يجب أن يكرّر ولا يمكن أن يشكّل هذا الأمر سابقة لأنّ مجلس النواب اليوم هو حكماً وبمقتضى الدستور هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية على الإطلاق.
ويبقى أنّ الأنظار ستتجه إلى يوم انعقاد الجلسة التشريعية وما ستؤول إليه لعبة “النصاب” وحساباته.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |