عبر حسابه “تويتر” طبيبٌ لبناني يضع خبرته بتصرف المرضى مجاناً.. ويؤكد لـ”هنا لبنان”: “أساعد بما أمكنني”!
هناك أطباء أدركوا أنّ الطب رسالة لا تجارة فأتاحوا صفحاتهم وخبراتهم لمساعدة المواطنين، طبعاً ضمن الممكن، إذ لا يمكن معاينة جميع الحالات افتراضياً، والمشورة تبقى محدودة ودقيقة..
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
في حساب على “تويتر” باسم وهمي، يتخفّى أحد الأطباء، الذي يجد في هذه المساحة متنفساً له بعيداً عن ضغوطات الحياة اليومية فيعبّر عن نفسه بـ “أريحية”.
غير أنّ الأزمة الأخيرة، أعادت الطبيب اللبناني إلى ردائه الأبيض في الواقع الافتراضي، علماً أنّه لم ينفصل يوماً عن مهمته في حياته اليومية، فعمد إلى نشر تغريدة يؤكد فيها على استعداده لتقديم الاستشارات بشكل مجاني لكلّ من يتواصل معه.
“من يحتاج إلى استشارة طبية وليس باستطاعته الذهاب إلى الطبيب الـdm عندي مفتوح”، هي التغريدة التي أعلن خلالها الحساب الذي يحمل اسم “Lamedad”، استعداده لتقديم العون الطبي، لكلّ من لا يسعفه جيبه لدفع معاينة الطبيب.
هوية صاحب الحساب غير قابلة للكشف، هذا ما يؤكده الطبيب المجهول، لـ “هنا لبنان”، موضحاً أنّ اختصاصه هو أمراض داخلية وكلى، وأنّه يتلّقى يومياً ما يقارب الـ3 استشارات ويستجيب لها جميعها.
لي بحاجة لاستشارة طبية و ما قادر يروح عند طبيب، الdm عندي مفتوح.
(بس رجاءً مش لحالات الأطفال)— Lamedad (@homedad4) February 16, 2023
رفض كشف الهوية، يعود للحفاظ على خصوصية هذه المساحة، فهنا يغرّد الطبيب كما يريد، يعقّب على بعض الأحداث، يخرج من القالب الجدّي للأطباء فيضحك مع متابعيه، وما بين نكتة وتعليق يمرّر معلومة طبية في سلسلة تغريدات.
ما الذي دفع بك إلى اتخاذ هذه الخطوة؟ نسأل الطبيب المغرّد، ليجيب “تابعت أكثر من تغريدة لأشخاص يتحدثون عن كلفة الطبابة، فقرت أن أساعد بما أمكن، خاصة وأنّ رسائل عدة تصلني بهذا الشأن”.
وفيما لا يخفي الطبيب أنّ تقديم الاستشارة الطبية عن بعد ليس بالأمر السهل، يوضح في المقابل أن “لا شيء مثالي، فالطبيب في هذه الحالة عليه أن يكون حذراً وأن يخبر المريض أنّ الاستشارة محدودة، ففي بعض الحالات تكون الأمور واضحة وحلّها بسيط أما في حالات أخرى فيكون الوضع شائكاً ويحتاج إلى متابعة مباشرة”.
لا يعطي الطبيب المريض أيّ معلومة شخصية حول هويته، فهذا الموضوع محسوم بالنسبة إليه، معلّقاً: “لو أردت كشف هويتي لعاينت المريض في العيادة ومجاناً طبعاً، ولكن أنا لم أنشئ بالأساس هذا الحساب للطب هو فقط للتسلية ولفشّة الخلق”.
وبعيداً عن “السوشيل ميديا”، لا يختلف نشاط الطبيب بهويته الحقيقية عن الافتراضية، فهو قدّم في العام 2022، 244 معاينة مجانية لأشخاص لا يسمح لها وضعها بدفع تكاليف العلاج.
مبادرة الطبيب التي استثنت حالات الأطفال، دفعت بطبيب آخر يعمل في دولة الإمارات العربية المتحدّة إلى مشاركة المبادرة وإبداء استعداده لتقديم المشورة.
“مبادرة طبيب الأطفال كتير حلوة”، يقول الطبيب المجهول، موضحاً أنّ أحد أطباء العظم في أميركا قد راسله أيضاً وأبدى استعداده لتقديم أيّ استشارة.
إذاً، الاستشارة الطبية “أونلاين” باتت حاجة، في وقت أصبحت فيه المعاينة تعادل راتب موظف أو لنقل تتخطّاه، وعوضاً عن اللجوء إلى “غوغل” والتزوّد بمعلومات غير دقيقة، أصبح هناك أطباء، أدركوا أنّ الطب رسالة لا تجارة فأتاحوا صفحاتهم وخبراتهم لمساعدة المواطنين، طبعاً ضمن الممكن، إذ لا يمكن معاينة جميع الحالات افتراضياً، والمشورة تبقى محدودة ودقيقة.. على أمل أن تمتدّ هذه المبادرة إلى أرض الواقع فتفتح بعض العيادات أبوابها مجاناً للمرضى الذين لا يملكون ثمن العلاج، وبين الافتراضي والواقعي إن حصل، لا ندري، ربما قد نصل يوماً ما إلى أمن طبي، يقي اللبناني من شرّ المرض في عصر العوز.
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |