تدمير ممنهج للقطاع المصرفي لـ”عيون” القرض الحسن… إكتملت الدويلة!
مؤسسة “القرض الحسن” استفادت على ظهر تراجع دور المصارف اللبنانية، التي فقدت القدرة على منح القروض، لتأخذ دورها من خلال منح التسليفات للبنانيين مقابل رهن الأراضي أو الذهب من دون أن تتكبّد أي خسارة.
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
لا شك في أنّ الحراك المشبوه الذي جرى الخميس الماضي، أمام فروع بعض المصارف في منطقة بدارو تحديداً، طرح تساؤلات حملت في طياتها العديد من الرسائل في التوقيت والمضمون، ليصبح هذا القطاع على طريق التدمير كغيره، بعدما كان مثالاً يُحتذى به في المنطقة والجوار، لكن تبدو النهاية ممنهجة وسائرة على الدرب المزروعة بالألغام، عبر مجموعة من الأشخاص يقومون بإحراق وتكسير عدد من المصارف كل فترة، من دون أن يردعهم أحد كما حصل يوم الخميس، الأمر الذي يؤكد مسار المهمة التي يقومون بها، ليتبيّن أنّ “الغاضبين” من مناصري الفريق الممانع وتحديداً من البرتقالي والأصفر، أتوا في مهمة حاملين رايات المودعين لكن غير الحقيقيين، لأنهم يعرفون تمام المعرفة، بأنّ تدمير المصارف يعني حرمانهم من أموالهم نهائياً، ومن سحبها عبر الصراف الآلي الذي تم تكسيره، إلى جانب كل العمليات المصرفية الأخرى والخدمات التي أصبحت غائبة جرّاء ذلك.
وسط هذه المشاهد المرفوضة، يبقى السؤال الأبرز الذي يطرحه المودعون الحقيقيون، “ماذا لو سيطر حزب الله على القطاع المصرفي اللبناني والقرار الاقتصادي؟ فهل يعني هذا أنّ العقوبات الأميركية ستشمل النظام المصرفي أيضاً، ما يعني عزل لبنان عنه عالمياً، وهذا هو التدمير بعينه، بالتزامن مع الفوضى المنتشرة والتي تستغلّ دائماً عبر مسرحية تتكرّر، ترافقها الدعاوى القضائية المتواصلة، لتدخل المصارف في الإغلاق التحذيري ومن ثم الشامل، وعندها تكون حافة الانهيار في الإنتظار، بعد ضرب الثقة بالنظام المالي، ونهاية هذه الصورة تعني إفلاس جميع المودعين.
وفي السياق وبإشارة من النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، قامت عناصر من جهاز أمن الدولة اليوم بختم فرع بنك بيروت في المنصورية، كي لا يتم التلاعب بالداتا، بانتظار عودة رئيس مجلس إدارة المصرف سليم صفير من السفر.
“القرض الحسن” والفروع الجديدة
إلى ذلك أتت “مؤسسة القرض الحسن” التابعة لحزب الله، والتي تأسست في العام 1982 لتكون البديل وفق الخطة الموضوعة، مع توالي الفروع الجديدة للمؤسسة، في وقت تبرز فيه الاحتجاجات والتظاهرات رفضاً لفرض قيود على سحب أموال المودعين، الأمر الذي يؤكد بأنّ المؤسسة المذكورة تبني عرشها المصرفي غير القانوني، على حساب ضرب القطاع ومؤسسات الدولة، والجديد في ذلك فتح فرع لـ “القرض الحسن” في منطقة سوق الغرب، حيث الأغلبية المسيحية أي ضمن منطقة تختلف بطابعها الديني عن مناطق أخرى تحوي فروعاً لتلك المؤسسة، بالتزامن مع إقفال 400 فرع لمصارف لبنانية في الخارج، كذلك مع إقفال عدد لا يستهان به في الداخل، مقابل أربعة فروع مرتقبة لـ “القرض الحسن” والحبل على الجرّار، حتى أنّ مناصري حارة حريك وتوابعها يطلقون على القرض المذكور تسمية “المصرف المركزي للحزب”، إنطلاقاً من كثرة نشاطاته في مناطق سيطرة حزب الله، خصوصاً في البقاع والجنوب والضاحية، إذ وصل العدد على صعيد لبنان إلى 31 فرعاً.
مؤامرة ساهمت بها الحكومة السابقة
إلى ذلك يشير مصرفي بارز في حديث لـ “هنا لبنان” مفضّلاً عدم ذكر إسمه، إلى أنّ ما يجري يمكن وضعه بالتأكيد في إطار المؤامرة، التي تُحاك ضد الاقتصاد وبصورة خاصة ضدّ المصارف، وهي بدأت مع الحكومة السابقة التي حمّلت القطاع كل أسباب الأزمة، فوضعت العصيّ أمام دواليبه، ونقلت صورة عنه وكأنه رأس حربة في قضم أموال المودِعين، لتحوير أنظارهم عن فشلها ووعودها الكاذبة في الإصلاحات، التي لم يتحقق منها أي شيء لغاية اليوم، مذكّراً بما سحبته الدولة من مليارات الدولارات من أموال المودِعين، من ضمنها وعلى سبيل المثال لا الحصر، السلفات الدورية لمؤسسة كهرباء لبنان.
ولفت المصدر إلى أنّ المسؤولين لم يضعوا أي خطة لمواجهة هذه الأزمة، واصفاً ما يجري بـ “الفوضى التي يغنّي ضمنها كل على ليلاه”، رافضاً الاتهامات التي تعتبر بأنّ المصارف تحتجز أموال اللبنانيين، بعدما قامت بتحويلها إلى الخارج، لأنهم لا يدركون طريقة عمل المصارف حول العالم، مذكّراً أيضاً بأنّ قرار حكومة الرئيس حسان دياب بالامتناع عن تسديد سندات “اليورو بوند”، أثرّ كثيراً على مصداقية البلد الائتمانية التي سادت منذ عقود، وبالتالي فالتعثر الحكومي هذا أثّر على مصرف لبنان، فقرّر دفع خمسين في المئة من الإيرادات المصرفية كفوائد بالليرة اللبنانية.
مئات الحسابات المالية تعمل لصالح “الحزب”
في غضون ذلك، رأى المصدر بأنّ المشهد الحالي يشير إلى إنهيار المؤسسات المالية للدولة، مقابل إنماء مؤسسات حزب الله المالية، وبالتالي ما يحصل ليس وليد الساعة بل نتيجة خططٍ تقوم بها الدويلة منذ زمن، للقضاء على ما تبقى من الدولة، وهذا يعني أنّ مؤسسة “القرض الحسن” استفادت على ظهر تراجع دور المصارف اللبنانية، التي فقدت القدرة على منح القروض، لتأخذ دورها من خلال منح التسليفات للبنانيين مقابل رهن الأراضي أو الذهب، من دون أن تتكبّد أي خسارة، إذ وفي حال لم يتم استيفاء القرض من قبل الزبون، تحصل المؤسسة التابعة للحزب على حقوقها ببيع العقار أو الذهب، فلا نتيجة سلبية وهذا هو الأهم لديها، مع الإشارة إلى أنها لا تمتّ بصلة إلى النظام المصرفي، ولا تملك رخصة من مصرف لبنان، أي غير قانونية ولا أحد يستطيع محاسبتها قضائياً…
ويختم المسؤول المصرفي: “للأسف بعض المصارف تمّ خرقها بمئات الحسابات المالية التي تعمل لصالح الحزب، والعقوبات الأميركية طالت سبعة لبنانيين تابعين له ولهم علاقات بـ “القرض الحسن”، ورأى بأنّ ما يجري يوحي بالكثير من التشاؤم والتداعيات الخطرة.