بالأرقام.. اللبناني يحتاج ٢٩ مليون ليرة شهرياً لسداد حاجاته الأساسية!
وفق دراسة سابقة أعدّتها “الدولية للمعلومات” في شهر كانون الثّاني الماضي، باتت الأسرة تحتاج إلى ٢٣ مليون شهرياً لتأمين حاجاتها، وفي ذلك الحين كان سعر الصرف يشهد تقلبات قبل أن يرتفع بشكل جنوني. فهل ما زال هذا المبلغ يعتبر كافياً اليوم؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
بعدما كان الحدّ الأدنى للأجور في لبنان 675 ألف ليرة والتي كانت قبل الأزمة تساوي 450 دولاراً، أصبحت الأسرة اللبنانية المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى دخل يقارب الـ ٤٠ مليون ليرة شهرياً على الأقلّ، كي تؤمّن متطلباتها الأساسية. هو واقع فرض نفسه بفعل عدة أسباب أبرزها ما يتعلّق بارتفاع الأسعار بشكلٍ مطّردٍ وتبدّلها في كثير من الأحيان واحتسابها وفق سعر الصرف.
وهذا الرقم على غرابته ليس نهائياً إذ أنّه مرشّح للارتفاع أكثر، لغياب الاستقرار المالي والاقتصادي في البلد وانعكاس ذلك على الواقع المعيشي للمواطنين.
في السابق، كان الفرد الذي يتقاضى خمسة ملايين شهرياً يعتبر من الميسورين، لكن اليوم بات المواطن ينفق رزمة كهذه في دقائق معدودة في أيّ سوبرماركت، ناهيك عن الفواتير المتوجبة عليه من مياه وكهرباء ومحروقات ولائحة تطول، والتي سيحتاج رزماً أكبر لتسديدها.
والجدير بالذكر أنّ الإحصاءات أو الدراسات التي تحدّد أرقاماً معينة للدخل الواجب توفّره للأسرة اللبنانية يُعاد النَّظر بها بينَ فترةٍ وَأخرى، وذلك لأن لا رقم موحّد أو دقيق للدخل الذي تحتاجه عائلة في لبنان.
وفق دراسة سابقة أعدّتها “الدولية للمعلومات” في شهر كانون الثّاني الماضي، باتت الأسرة تحتاج إلى ٢٣ مليون شهرياً لتأمين حاجاتها، وفي ذلك الحين كان سعر الصرف يشهد تقلبات قبل أن يرتفع بشكل جنوني. فهل ما زال هذا المبلغ يعتبر كافياً اليوم؟
يؤكد الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ كلفة المعيشة اليوم لأسرة من أربعة أفراد تصل إلى ٢٩ مليون ليرة شهرياً بالحدّ الأدنى وهذه الكلفة موزعة كالآتي:
– السلة الغذائية والاستهلاكية ١٠ ملايين ليرة شهرياً وقد تصل إلى ١٢ أو ١٥ مليون ليرة، لتأمين الغذاء الكافي والصحي والسليم.
– إيجار السكن والذي يتراوح بين ٥ ملايين و٢٠ أو ٣٠ مليون ليرة وفق مكان السكن.
– تكلفة الكهرباء ٣ ملايين شهرياً.
– تكاليف المدرسة الرسمية مليون ليرة، أما في المدرسة الخاصة فحكماً التكاليف مرتفعة جداً.
– أمّا المحروقات فإذا احتسبنا أنّ الأسرة ستحتاج أربعة صفائح بنزين شهرياً فتقدّر كلفتها بستة ملايين ليرة.
– الصحة من دون استشفاء فتتطلب مبلغ مليوني ليرة شهرياً بالحد الأدنى أيضاً.
– الملبوسات والأحذية وغيرها تقدّر بمليوني ليرة تقريباً.
ويوضح شمس الدين أنّ هذه الكلفة ترتفع بشكل سريع بالتزامن مع انهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع والخدمات لأنّها محدّدة بالدولار في حين أنّ أكثر من ٧٠ بالمئة من اللبنانيين يتقاضون أجورهم بالليرة اللبنانية.
إلى ذلك، تؤكد أوساط مراقبة لـ “هنا لبنان” أنّ الدراسات الحديثة أظهرت الحاجة إلى تضمين راتب الأفراد مبلغاً من “الفريش دولار” طالما أنّ غالبية الخدمات الاستهلاكية باتت تسعّر بالعملة الخضراء، هذا بالإضافة إلى دخل يتجاوز الـ ٤٠ مليون شهرياً، هذا إن تمّ استثناء الحالات الطارئة.
وتعرب هذه الأوساط عن اعتقادها أنّ أيّ قرار من الدولة اللبنانية لتحسين رواتب موظفي القطاع العام أو مساعدتهم من خلال عملية رفع الأجور بات يصطدم بغلاء المعيشة و”دوبلة” الأسعار وكذلك الحال بالنسبة إلى فئة من موظّفي القطاع الخاص الذين لم تتحسّن رواتبهم في ظل ارتفاع سعر الصرف.
“كيف فينا نلحق” عبارة تتناقلها الأسر اللبنانية وهي تشكل وحدة حال غالبية المواطنين الذين أصبحت حالهم كالمثل الشعبي القائل: “الرغيف بيركض ونحنا منركض وراه”.