حرب على الجنرال


أخبار بارزة, خاص 1 آذار, 2023

في المحصلة لن يسجل في تاريخ جوزيف عون، إلا أنه قاوم مساراً تدميرياً، تمثله الطبقة السياسية بكل تلاوينها، وهو ما سيحفظ له صورة شهابية مشرفة سواء جلس على كرسي الرئاسة أم لا.


كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

منذ أن تم تعيينه قائداً للجيش، خلافاً لرغبة جبران باسيل، بدأت الحرب على جوزيف عون. لا يتعلق الأمر بوزراء الدفاع المتعاقبين الذين تناوبوا على محاولة تقليص صلاحية قائد الجيش لتحويله إلى مجرد مدير عام، بل امتد ليشمل محاولة استهدافه في كل ما يقوم به لحفظ المؤسسة العسكرية في أصعب المراحل التي مرت بها.
لا يتعلق الأمر أيضاً بامتناع العماد جوزيف عون عن تلبية طلب جبران باسيل بقمع الثورة الشعبية، وفتح الطرقات بالقوة، ولو كلف ذلك سقوط الدماء، بل يتصل برغبة واضحة في تدجين قائد الجيش وتحويل المؤسسة العسكرية إلى فرقة عونية، وهو الأمر الذي رفضه الجنرال، فغضب الصهر، ولام عمه على سوء الاختيار، لكن في المحصلة لن يسجل في تاريخ جوزيف عون، إلا أنه قاوم مساراً تدميرياً، تمثله الطبقة السياسية بكل تلاوينها، وهو ما سيحفظ له صورة شهابية مشرفة سواء جلس على كرسي الرئاسة أم لا.
بدأ قائد الجيش ولايته باتباع نهج مؤسساتي، كان على تواصل مع القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس ميشال عون، لكن ذلك لم يكن يكفي بنظر المحيطين بالرئيس عون، كانوا يريدون له انصياعاً، يفوق طاقة كل قائد للمؤسسة العسكرية على التحمل.
لبى العماد جوزيف عون كل متطلبات الموقع. حصر مرجعية قراره برئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، لكن ذلك لم يكن كافياً. أريد له أن يقدم الولاء، في حين أن من يدخل مكتب اليرزة لا ولاء له إلا للمؤسسة وللدولة، وذلك لم يكن كافياً فبدأت حروب التضييق الإداري، وكادت تشل لوجستية الجيش، وهي ما زالت تمارس إلى اليوم، بأسلوب باسيلي يأبى أي ضابط على ارتكابه، حتى ولو كان برتبة وزير دفاع.
قد لا يكون الكلام عن هذه التفاصيل مفيداً للمؤسسة، لكنه بالتأكيد منصف إذا ما أريد للتاريخ الحديث، أن يكتب بحروف من الحقيقة.
راقبت المؤسسة العسكرية بعين العارف والمستقرئ، ما سيحصل قبل العام 2019 وما بعده. كانت التقارير تشير إلى حتمية حصول انفجار اجتماعي. كانت توجيهات العماد جوزيف عون للجيش أن يمسك زمام الموقف من دون سقوط نقطة دم واحدة، وهذا ما طبقه الجيش بنسبة عالية، وما تنتظره المؤسسة العسكرية في مقبل الأيام شبيه بما مر في العام 2019 لكن التوجيهات تبقى هي هي: لا استعمال للعنف مع الناس كرمى لعيون هذه المنظومة، فالجيش من الناس وللناس، وليست مهمته أن يكون جيش حماية المنظومة بل حراسة الناس والبلد.
استباقاً للحرب التي تخاض ضد الجنرال، وذعراً من الصدقية التي بناها في الداخل والخارج، تتزايد الحملات على الجيش لكنها لا تنجح في تأخير القدر المحتوم. هناك مرحلة تشرف على الانتهاء بأبطالها ورموز فسادها السياسيين منهم وغير السياسيين، وهناك مرحلة جديدة سيولد فيها نهج مختلف، وهناك رجال سيمثلون الناس في المرحلة الجديدة، هوياتهم واضحة وتاريخهم يتكلم عنهم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us