“التيار الوطني الحر”: تناقضات في المواقف ومشروع ممنهج لضرب المصارف
التيار تارةً مع وجوب احترام استقلالية القضاء وتارةً يتدخل في مفاصله، تارةً مع محاربة مبدأ المحاصصة الوظيفية والطائفية المستحكمة بالممارسات السياسية ليعود ويضرب بيد من حديد لتوظيف النصف المسيحي بنفسه..
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
واقع التيار الوطني الحر المتناقض، مواقفه الهوليوودية، والتمثيل على الشعب لم تعد مستغربة، فالتيار يتماهى مع رئيسه جبران باسيل الشخص الأكثر اختلافاً مع كل المكونات اللبنانية.
“التيار” تارةً مع وجوب احترام استقلالية القضاء وتارةً يتدخل في مفاصله، تارةً مع محاربة مبدأ المحاصصة الوظيفية والطائفية المستحكمة بالممارسات السياسية ليعود ويضرب بيد من حديد لتوظيف النصف المسيحي بنفسه، تارة مع التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومع ضرورة السرية المصرفية وطوراً يطالب برفعها ويدّعي على رؤساء مجالس إدارات بعض المصارف. وكلّ ذلك يصبّ لصالح أهداف سياسية واضحة، فأولوية التيار رئاسة الجمهورية خصوصاً والسلطة عموماً.
لماذا كل هذه التناقضات بين “مع وضد” ولماذا يريد التيار الوطني الحر ضرب القطاع المصرفي في لبنان؟
يقول المحلل السياسي طوني بولس في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ “التيار الوطني الحر يتعاطى مع الدولة اللبنانية ومع المؤسسات القضائية بما يتناسب مع مصالحه الخاصة، فهو يختار ما يناسبه من لائحة القضاة ومن الدعاوى التي تتناسب مع اتجاهاته، بحيث يدعم قاضياً محدداً في قضية ما لفترة معينة ويلاحقه في نفس القضية بعد فترة للنيل منه فور شعوره بأنّه قد يهدد كيانه، من هذا المنطلق فإن “التيار” يتعامل بتناقض واضح مع ملفات عدة”.
ويتابع بولس: “بعض الملفات التي سماها التيار بملفات الفساد وحاول ملاحقة المتورطين فيها من خلال القضاء، تراجع عنها بعد أن تبين تورط قيادات من داخله”.
أما بالنسبة لموقفهم من القطاع المصرفي ومن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فيقول: “التيار الوطني الحر والرئيس السابق ميشال عون هم من طرحوا عملية تجديد ولاية سلامة، أما في وقت لاحق وعندما أصبح للحاكم حيثية معينة، تخوّف جبران باسيل من ترشحه لرئاسة الجمهورية فشنّ حرباً مفتوحة على الحاكم، وبدأ بتخوينه واعتبره تابعاً للمنظومة السياسية. ومع أن التيار الوطني الحر هو أيضاً جزء من هذه المنظومة، إلا أنه يحاول دائماً أن يوحي للبنانيين بأنّه مناهضٌ لها، وخير دليل على ذلك هي مشاركة التيار بالحكومات الواسعة وتوليه وزارات أساسية مثل وزارة الطاقة ووزارة الخارجية منذ العام 2009 وحتى اليوم، وأيضاً من خلال وجوده برئاسة الجمهورية ومجلس النواب وحصوله على ثلث الوزارات منذ العام 2011 “.
ويلفت بولس إلى أن “التيار الوطني الحر يعمل على مشروع ضرب القطاع المصرفي وإفلاس المصارف، حيث يعتبر أنه وفي حال تم إفلاس المؤسسات المالية في لبنان فهناك إمكانية لدخول مصارف جديدة ومستثمرين جدد من الخارج خصوصاً وأننا نرى تناغماً بين منظومة حزب الله المالية “القرض الحسن” ذات الصلاحيات الواسعة وبين جبران باسيل الذي يطمح إلى “تطيير” القطاع المصرفي الحالي إما من خلال توسّع المؤسسات المالية التابعة لحزب الله وإما من خلال غادة عون وقراراتها العشوائية”.
كلام بولس جاء مطابقاً لموقف الصحافي والكاتب السياسي محمد شمس الدين الذي لم يبرّئ التيار الوطني الحر من ازدواجية مواقفه وتعامله مع القضايا وفقاً لمصالحه الشخصية خصوصاً القضائية منها وكل ما يتعلق بالمصارف وبحاكم مصرف لبنان منذ العام 2005 عندما نادى باستقلالية القضاء ومحاربة مبدأ المحاصصة الوظيفية وإلغاء الطائفية، ومن ثم إصرار التيار خلال العام 2017 على التمديد لحاكم مصرف لبنان، وصولاً إلى العام 2022 المفاجأة عندما ضرب كل هذه العناوين.
ويقول شمس الدين: “بالنسبة للمصارف فهي كانت في السابق خطاً أحمر بالنسبة للتيار، وهم من شاركوا بتكريم رئيس جمعية المصارف سليم صفير وطلبوا التمديد لحاكم مصرف لبنان، ما يعني أن التيار لم يكن لديه خلاف مع المصارف، وعلى حين غرة أصبح يستخدمها كأداة ضغط من أجل تحقيق مآربه الشخصية ولابتزاز بعض الأفرقاء السياسية في البلد كونه يسعى إلى استعادة رئاسة الجمهورية”.
“كي يستعيد لبنان عافيته لا بد من إبراء ذمة المصارف، وإسقاط جميع الدعاوى الحالية والمستقبلية المقدمة من المودعين من أجل النهوض بالبلد من جديد وذلك لا يعني ضياع حقوق المودعين كما يُشاع”، بحسب شمس الدين.
ويختم: “التيار الوطني الحر ليس لديه نهج حقيقي لحزب سياسي كباقي الأحزاب في لبنان، وليس متمسكاً بعقيدة معينة بل يتقلب وفقاً لمصالحة وتطلعاته، وكل ما يقوم به من تصرفات لم تعد لمصلحة التيار بشكل عام بل لمصلحة جبران باسيل شخصياً”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مرسوم دعم متقاعدي الخاص في الجريدة الرسمية…هل تلتزم المدارس؟ | خسائر القطاع الزراعي وصلت إلى 70% ..”والحبل على الجرار” | تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار |