على خط انتخاب رئيس للجمهورية: البخاري في بكركي.. وزيارة مرتقبة لميقاتي إلى الفاتيكان
كانت زيارة السفير السعودي وليد البخاري بكركي مؤشراً على دور المملكة العربية السعودية في الإستحقاق الرئاسي. فالزيارة حملت جملة عناوين أبرزها: أن السعودية تشرع أبوابها دائماً للبطريرك مع رفضها لرئيس يأتي من الممانعة..
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
وكأنّ لبنان مستعد للانتظار أشهراً طويلة من أجل إنهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية. على هذا المنوال يتصرف الساسة اللبنانيون والممسكون بالقرار السياسي في البلد، فيتوزعون الأدوار لإطلاق أسماء مرشحيهم تقطيعاً للوقت الذي بات داهماً وغير آبهين لأحوال الناس والمؤسسات والتخبط والإنهيار الحاصل على كافة الصعد.
إلا أنّ الاشتباك الحاصل داخلياً فتح الباب على التواصل بشكل أكبر وقد تتسارع معه الأمور بعد أن وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المشكلة عند المسيحيين وتضعضع القوى السيادية المعارضة بتسميتهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، على الرغم من أن هذه القوى ومنذ اليوم الأول اختارت مرشحها رئيس حركة الإستقلال ميشال معوض وسمّته في 12 جلسة انتخابية. وتؤكد مصادر مقربة من عين التينة لموقع “هنا لبنان” أنّ الرئيس نبيه بري قد يدعو إلى جلسة لانتخاب الرئيس قبل بدء شهر رمضان مشيرة إلى أن تسمية فرنجية من قبل الثنائي الشيعي لا تعني حرق اسمه بل تثبيت وجوده كمرشح رئاسي، وأشارت إلى أن الرئيس بري قد يتّجه إلى الحوار مع المملكة العربية السعودية بعد فشل دعوته للحوار الداخلي، وذلك عبر اللقاءات التي أجراها معاونه السياسي النائب علي حسن خليل على دورتين مع السفير السعودي وليد البخاري، إلا أنها بحسب المصادر لم تحمل جديداً سوى أنها مجرد تواصل لفتح الأبواب إذ أن السعودية بات موقفها واضحاً حيال رفض رئيس تسمّيه الممانعة كسليمان فرنجية، والذي تظهر في اللقاء الخماسي في باريس على الرغم من نفي الجميع بأنه لم يتم الدخول بالأسماء وكذلك بعد زيارة النائب تيمور جنبلاط إلى السعودية.
فيما رأت مصادر سياسية في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ تبني اسم فرنجية من قبل الثنائي الشيعي يأتي في سياق أن الجميع تلمسوا وفهموا ما جرى في اللقاء الخماسي حول طرح أسماء للرئاسة مما أدى إلى رفع سقف المواجهة في ظل حالة الإشتباك السياسي داخلياً وإقليمياً لا سيما بين المحورين الروسي الإيراني والأوروبي والأميركي والخليجي. كما اعتبرت أنه في حال قرب التسوية الإقليمية فإنّ حزب الله وأمل قد جمعوا أوراقهم وملفاتهم لوضعها على الطاولة من أجل التفاوض بشأنها وتسمية فرنجية تأتي في هذا الإطار. فيما القوى السيادية والمعارضة قد تستجمع نفسها وتأخذ توجهاً آخر عبر تسمية شخصيات أخرى غير ميشال معوض مع التمسك به حتى الساعة.
أين بكركي من كل ذلك لا سيما أن الموقع المسيحي الأول في لبنان بات بخطر؟
فسيد بكركي الذي بدأت عظاته تكون أكثر حدة في الإتجاه السياسي لا سيما حيال الإستحقاق الرئاسي يحاول جاهداً، بحسب مصادر مقربة منه لموقع “هنا لبنان”، جمع الأطراف المسيحية في لبنان من أجل استمزاج آرائها وتقريب وجهات النظر فيما بينها، وأنه يريد فتح المجال حتى النهاية لأنه غاضب بحسب ما ورد في عظته الأخيرة من غياب رجال الدولة في لبنان متهماً البعض بإستعمال الكيدية والحقد والذهنية الميليشيوية بزرع الأشواك والألغام أمام انتخاب رئيس الجمهورية. وقد رسم الحل في الخروج من معادلة انتماء الرئيس إما للممانعة أو السيادة، وقال “بضرورة العمل من قبل الشعب على انتخاب رئيس وطنيّ متحرّر من كلّ ارتباط وانحياز وفئة ومحور يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كلّ الدول في الخارج، ولكي يتمكّن هذا الرئيس من قيادة الإصلاحات اللازمة والمطلوبة من أجل نيل المساعدات الدوليّة والإقليميّة”.
وعلى خط آخر يسعى البطريرك من خلال الجولتين التي قام بهما المطران أنطوان بو نجم إلى تقريب المسافات لا سيما أن الأمور دخلت في مرحلة غربلة الأسماء، إذ يحمل المطران بونجم لائحة من 12 اسماً تتوزع بين ما يسمى 8 و14 آذار بحسب مصادر سياسية ممن التقاهم، فيما أكدت مصادر مقربة منه أن بجعبته لائحة من 8 أسماء مرشحة للرئاسة مشيرة إلى جولة ثالثة سيقوم بها الأسبوع المقبل قد تحمل لائحة من خارج الأحزاب السياسية. ورداً على سؤال حول إمكانية إحداث خرق ما أو تلمس أي إيجابية أشارت المصادر إلى أنّ حدة التشنج التي كانت موجودة لدى بعض الأحزاب خفتت نوعاً ما لكن يجب التواصل في ما بينها من أجل ترجمة الاتفاق على بعض الأمور المتوافق عليها لا سيما مثلاً بين التيار الوطني الحر والقوات في ظل بدء الكلام حول ضرورة التوصل إلى الحل المنشود.
وكانت زيارة السفير السعودي وليد البخاري في توقيتها إلى بكركي وبعد تغريدته اللافتة ولقائه السفيرة الفرنسية آن غريو مؤشراً على دور المملكة العربية السعودية وفرنسا في الإستحقاق الرئاسي والتأكيد على إستقرار وسيادة لبنان. فالزيارة حملت جملة عناوين أبرزها: أن السعودية تشرع أبوابها دائماً للبطريرك مع رفضها لرئيس يأتي من الممانعة وقريب من حزب الله ووضعته في صورة مواصفات الرئيس العتيد. وهذا ما كانت المملكة قد أعلنته في اللقاء الخماسي في باريس مؤكدة رفضها لاسم سليمان فرنجية وهو يتناسب بحسب المصادر مع رأي بكركي أيضاً.
وتبقى عين الفاتيكان مفتوحة على لبنان إذ ستشهد زيارة قريبة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي هي الثانية له ويتم التكتم عن موعدها بطلب من دوائر الفاتيكان، لكن وبحسب مصادر “هنا لبنان”، فمن المتوقع أن تحصل خلال الأسبوع المقبل، لكن ستسبقها زيارة من ميقاتي إلى المرجعيات الروحية المسيحية وأبرزها إلى بكركي لوضع البطريرك الراعي في العناوين التي سيتم طرحها لا سيما أن الزيارة لم يتم تنسيقها مسبقاً معه إضافة إلى اللغط الذي حصل جراء كلام ميقاتي في إحدى المقابلات حول تقييم عدد المسيحيين في لبنان.
مصادر مقربة من رئيس الحكومة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن الزيارة إلى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس تأتي لاستكمال البحث في الأمور الآنية التي يعيشها لبنان وفي ظرف صعب تمر به البلاد في ظل فراغ رئاسي وحكومة تتلوى، وهي شؤون يتم بحثها باستمرار مع السفير البابوي في لبنان وتأتي من ضمن تزخيم الإتصالات لإنتخاب رئيس. وأشارت المصادر إلى أن ميقاتي قد يحمل ملفاً مكتوباً يتضمن شرحاً مفصلاً حول الأوضاع التي وصل إليها لبنان إضافة إلى مسألة التشتت المسيحي الذي يعرقل انتخاب رئيس الجمهورية.
ورأت مصادر دبلوماسية مطلعة على أجواء الفاتيكان لموقعنا أن لا جدول أعمال للزيارة وتندرج في إطار وضع الفاتيكان في صورة ما يجري على الصعيد المسيحي بخصوص إنتخاب رئيس الجمهورية. وأسفت من تحميل المسيحيين مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي ورمي الكرة في ملعبهم فيما وجهة التعطيل معروفة، مشيرة إلى أن الفاتيكان لا يناقش أو يؤيد أو يرفض الأسماء المطروحة أو يمارس ضغوطاً على اللبنانيين من أجل انتخاب الرئيس، إنّما يدفع بهذا الإتجاه عبر حث الدول الفاعلة والمعنية بالملف اللبناني لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودعمها لتسهيل الإستحقاق الرئاسي.